Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
لعنة الحب الأول #20
Manel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
تتالت الأيّام و بدأت سعادتهما تتحقّق على مهل... تلك السعادة التي لطالما سعت إليها لين... تلك السعادة التي كانت، مازالت و ستبقى رهينة إبتسامة ثغره و نظرة عينيه التي تنقلها من مصاف النساء إلى مصاف الملكات... أخيرا إرتضى القدر إسعادهما و جمعت بينهما الأيّام مجدّدا....
كان يبذل كلّ ما أوتي من جهد لإسعادها و لتقريب المسافة بينها و بين إبنه... كان يسعى إلى الجمع بينهما كلّما سنحت الفرصة له بذلك .... كان يشعر بحاجة إبنه الصغير إلى أمّه... فقد عاش يتيم الأب و إختبر ألم الفقد... كان يرى في لين في المرأة الحنون التي يمكن أن تحبّ طفلا ليس من صلبها ...
كان يرى في عينيها مكانا يتّسع له و لإبنه... كان يراقب حركاتها و سكناتها في كلّ ل قاء جمع بينها و بين الصغير باسل...كان يرى إنسياقها وراء غريزة الأمومة التي تحملها أيّ إمرأة محاولة تناسي حقبقة أنّ ذاك الطفل هو إبن حبيبها من إمرأة أخرى... كان يستشعر إنقسام عواطفها تجاه إبنه بين الأنانيّة و العطاء... الأنانيّة التي توحي لها بأنّها ليست ملزمة بإبنه من سواها و العطاء الذي يلهمها حبّ إبن إمرأة أخرى أخذت مكانها، يوما ما، في حياة الرجل الذي ينبض قلبها من أجله فقط... كان يندم أحيانا لا
لأنّه يحمّلها وزرا لا طاقة لها عليه و لكنّه كان يعود عن ندمه حين يتذكّر أنّ حبّه لها لم يكن عبثا... فقد أغرم بها لأنّها مختلفة، مميّزة، إستثنائيّة...لقد عاد للبحث عنها كي تشاركه ما تبقّى من حياته، كي تربيّ إبنه... ليس فقط لأنّه يحبّها بل كذلك لأنّه يثق بها...
لأنّه يحمّلها وزرا لا طاقة لها عليه و لكنّه كان يعود عن ندمه حين يتذكّر أنّ حبّه لها لم يكن عبثا... فقد أغرم بها لأنّها مختلفة، مميّزة، إستثنائيّة...لقد عاد للبحث عنها كي تشاركه ما تبقّى من حياته، كي تربيّ إبنه... ليس فقط لأنّه يحبّها بل كذلك لأنّه يثق بها...
******
كان الفصل شتاء و الطقس شبه ممطر....إستيقظت و غي صدرها ألم دفين لا تدرك له سببا و لا معنى... كلّ ما كانت متأكّدة منه هوّ أنّ هناك سوء سوف يحدث... وضعت الوسادة خلف ظهرها و تراجعت إلى الوراء...أغمضت عينيها و حاولت الإسترخاء... دعت الله أن يحفظ عائلتها من كلّ سوء و أن لا يمتحن صبرها في أحبّائها... إلتفتت إلى يمينها و نظرت إلى المنبّه فوجدت أنّ الساعة لم تتجاوز الخامسة فجرا... إنّه يوم عطلة ... ستحاول العودة إلى النوم... ربّما تهدأ هواجسها و تختفي هذه المشاعر السلبيّة التي تراودها... أحنت ظهرها و إلتفّت بالغطاء كما تلتفّ اليرقة داخل شرنقتها و عادت تصارع النوم و تستجديه أن أرجوك زر أجفاني...لكن... عبثا...فقد عقد النوم عزمه على هجرانها... لماذا يعتصر الألم قلبها؟ لماذا تشعر أنّ هناك خطب سيصيب والدها؟... هدّأت من روعها ... تركت الفراش و ذهبت إلى غرفة المعيشة... تناولت الهاتف اللّاسلكي و إتّصلت بمنزل عائلتها...رنّ الهاتف طويلا... إزداد قلقلها و إتّسعت عيناها خوفا إلى أن رفعت السماعة و تناهى صوت أختها إلى مسامعها...كانت تغالب النعاس و هي تسأل " من المتّصل ؟" ردّت عليها بسرعة " لمار هذه أنا لين... آسفة عزيزتي لأنّي أيقظتك... هل أنتم بخير؟ جميعكم بخير؟ هل أبي بخير ؟ "... كانت تتنفّس بصعوبة و يكاد نبضها يتوقّف خوفا من أن يصعقها خبر مؤلم...لم تتأخّر أختها في الإجابة مبدية إستغرابها من نبرة الخوف التي تبدو واضحة في كلام لين " على رسلك أختاه ...جميعنا بخير لا تقلقي... أبي بخير... إنّه في مكتبه يستعدّ كي يقصد عمله... أتودّين أن تكلّميه ؟ ".... وضعت يديها ، في حركة لا إراديّة ، و تنفّست الصعداء " الحمد لله
أجل مرّري له السمّاعة...أريد أن أستهلّ يومي بسماع صوته..." وضعت أختها السماعة على الطاولة و ذهبت لإستدعاء والدها...أخذت لين تقضم أظافرها في إنتظار حضوره لإستكمال المكالمة...كانت تسمع وقع قدميه و هوّ يسرع خطاه نحو الهاتف حتى لا تنتظر صغيرته المدلّلة أكثر...رفع السماعة فسبقت أنفاسه كلمانه...إنبعث الدم في عروقها مجدّدا بعد أن تجمّد خوفا ... قالت بصوت مرتجف يخفي وراءه نبرة بكاء " أبي... حبيبي... هل أنت بخبر ؟ هل صحّتك جيّدة؟ أصدقني القول أرجوك"... أمسكت السماعة بكلتا يديها و كأنّها تخشى الإجابة...إنبعث صوت والدها عبر الهاتف بوقاره و عمقه المعتادين " أنا بخير يا إبنتي... لا تقلقي..أنا بخير....لا يضيرني إلاّ شوقي إليك يا عزيزتي...عودي يا إينتي...كفاك غربة... كفاك بعدا عنّا...عودي إلينا فالمنزل بارد...جامد كصقيع الثلج دونك...أنت إبنتنا الكبرى...قنديل البيت الذي لا يأفل نوره...عودي يا قرّة عيني فنحن في حاجة إليك... عودي لين فأنا أشتاقك جدّا ".... غالبت دموعها المنهمرة و قالت " سأعود أبي...سأعود...فقد ملّ صبري و ماعاد لقلبي قدرة على المراوغة...أريد أن أعود ... حالما ينتهي الفصل الدراسي الحالي سأحزم حقيبتي و أعود... أحبّك جدّا أبتاه "....
أغلقت الهاتف و إرتمت على أقرب أريكة إليها... لقد أنهكها الشوق إلى الوطن، إلى العائلة ، إلى رائحة التراب المبلّل بالمطر، إلى عبق الياسمين... ياسمين تونس الخضراء... ما عاد دمعها خجلا من حنينها إلى بلدها...سينتهي الفصل الدراسي الأوّل بعد أسبوعين...ستسافر...ستعود...حتّى أنّها ستفكّر في إمكانية العودة نهائيّا...لكن، عليها أن تتوقّف عند نقطة مهمّة جدّا و تسأل نفسها " أين تيم من كلّ هذا ؟ و أيّ مستقبل لعلاقتهما؟ "... عليهما أن يوضّحا العديد من الأمور...
Website Design Brisbane