Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
هذه النظارة
Manel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
فتحت حقيبتها لتنظر في محتوياتها علها نسيت غرضا من أغراضها المهمة... تأكدت من وجود هاتفها... مذكرة مواعيدها... و نظارتها الشمسية... هذه النظارة الشمسية التي تعتبرها رفيقة دربها... هذه النظارة التي تمنحها درعا منيعا... تزودها بالمزيد من ثقتها في نفسها... هذه النظارة ليست مجرد غرض من أغراض حياتها اليومية بل هي صديقتها... كاتمة أسرار عينيها... ستار يخفي خوفها و ألمها...
هذه النظارة ليست مجرد نظارة بل هي وجهة نظر...هذه النظارة تفهمها و كأنها أنثى تفهم عبئ الأنوثة... كأنها مسكن يخفف وجعها... منديل يمسح دمعتها... بلسم يداوي جراحها... هذه النظارة ليست مجرد نظارة بل هي وجهة نظر... هي سد شديد بينها و بين بشاعة العالم الخارجي... هذا العالم القذر، المنافق، السخيف...
هذه النظارة تقيها شر نظرات الآخرين المليئة بالإنتقاد التي تصل حد السخرية... هذه النظارة ليست تفصيلا صغيرا من تفاصيل يومها بل هي كل تفاصيله... هذه النظارة ليست مجرد نظارة بل هي وجهة نظر... تذكر أنها لم تكن تستطيع إرتداء نظارة شمسية لأن براءتها لم تكن قد شوهت بعد... لم تكن قد أدركت بعد إنحطاط هذا العالم و لم تكن تدرك أنها ستحتاج يوما ما هذه النظارة... حينما رفضت إرتداء النظارة لم تكن قد أصبحت بعد "إمرأة بلا عنوان".... حينها كانت إمرأة عنوانها الأمل.... أما الآن فهي في حاجة ملحة لنظارتها الشمسية لأن الأمل ماعاد عنوانا لها...
اليوم تدرك أنه ما كان عليها في ذلك الوقت أن ترفض إرتداء النظارة الشمسية... فربما لو إرتدتها منذ ذلك الحين لما أثقلت روحها بعبء هذا الألم... ألم الإغتراب في عالم لا تفقه لغة ساكنيه... عالم تكره وجودها فيه... تنظر إلى نظارتها الشمسية بكل إمتنان... تشكرها في صمت على رفقتها... على وفائها في زمن يسخر من الأوفياء... تتساءل : هل ستتخلى عن حصنها أسود اللون هذا؟ هل ستستعيد يوما نقاء روحها و تعيد إكتساب ثقتها في العالم من جديد؟ ربما يحدث ذلك يوما ما و لكن حتى و إن حدث فستبقى وفية لنظارتها الشمسية... ستبقيها في حقيبتها حتى و إن لم ترتديها...
بقلم منال عبد الوهاب الأخضر
Website Design Brisbane