Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
لعنة الحب الأول #1
Manel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
قررت اليوم أن تستهل صباحها، على غير العادة، بتناول قهوتها خارج المنزل. اختارت لنفسها إحدى المقاهي المطلّة على مشارف الشاطئ، اتخذت مقعدا مجاورا للنافذة و لو لم يكن الطقس باردا لجلست خارجا...
>هي في حاجة ملحّة لاستنشاق هواء البحر لعلّها تنعش روحها المتعبة....حضر النادل حتى يدوّن طلبها راسما على وجهه ابتسامة تحاول أن تكون مشرقة...طلبت فنجانا من القهوة ... حسبها هذا الصباح أن تستمتع بمذاق القهوة...
>اكتشفت أنّ جلّ ذكرياتها مرتبطة بالقهوة و مذاقها السحري...ربما لهذا السبب بالذات تجد ملاذها في القهوة و الموسيقى حتى تؤنس غربتها...هي تقيم في باريس منذ ثلاث سنوات بعد أن قررت السفر هربا من ذاك الرجل الذي خذلها...عليها أن تكف عن تعذيب نفسها بتذكّر خيبتها معه...أخذت جوّالها لكي تتفقّد بريدها الإلكتروني...وجدت رسالة من صديقتها تعلمها أنّها قادمة لزيارتها خلال أيام... تفاجأت بالوقت يداهمها...عليها المغادرة قاصدة العمل....
>نفضت عنها غبار الذكريات و وضعت ثمن القهوة و بعض البقشيش فوق الطاولة و نهضت متجهة نحو محطة المترو ... و كم تستمع بركوب المترو تحب ركوب المترو لأنه يتيح لها أن تعيش مع الناس حكاياتهم حتى دون أن يتحدثوا عنها …وصلت إلى المحطة ...انتظرت قليلا إلى أن وصل المترو الذي ستستقله نحو مقر عملها...فتح الباب الأوسط أمامها فصعدت و استقلت مقعدا محاذيا للنافذة، كالعادة.... تناولت من حقيبتها جهاز الموسيقى خاصتها ، وضعت السماعات في أذنيها و كانت أوّل أغنية في قائمة الاستماع " كيفك إنت..." لفيروز ضحكت في أعماقها لأنّ هذه الأغنية بالذات تذكرها به...يبدو أنه يوم النوستالجيا ....
>توقف المترو في المحطة الأولى...نزل ركاب و صعد آخرون...هكذا هي الحياة... أناس راحلون و آخرون وافدون...إنّها جدلية الوجود و العدم ...جلست بجانبها امرأة مسنّة بدت غير فرنسية...و كأنّها من أصول أسيوية...تأملت تجاعيد ييديها...لابدّ أنّ وراءها حكايا...تساءلت بينها و بين نفسها " هل ستصبح هكذا يوما ما أم أنّها ستموت شابة؟"ها قد توقّف المترو في محطته الثانية... نزلت العجوز الأسيوية...التفتت إلى النافذة تشاهد حركتها البطيئة و كأنها لم ترد أن تغادر العجوز المقعد المجاور لمقعدها..و كأنهّا وجدت فيها ما يؤنس غربتها...ربما ذكرتها بجدتها شعرت بجلوس شخص في المقعد الشاغر إلى جانبها إحساس غريب جدا يجتاحها و إذ بدقات قلبها تزداد و تتسارع لم تختبر شعورا مشابها منذ ثلاث سنوات أي منذ انفصالهما... ما الذي يحدث؟
>إنّها رائحة عطره...يا الله هل أصابها جنون الحنين؟؟؟ارتعشت يداها فسقط هاتفها... همت بالتقاطه فوجدت يدا أخرى تسبقها إلى ذلك رفعت رأسها كي تكتشف أنّه ، هو ، من يشاركها المقعد... لم تكن حمى النوستالجيا و لم يكن وجوده محض خيال... ماذا يفعل هنا؟ يا لسخرية القدر... آخر ما كانت تتوقعه أن يتقابلا هنا... في باريس...في المترو...بعد مضي ثلاث سنوات على انفصالهما...
>
بقلم منال عبد الوهاب الأخضر
Website Design Brisbane