Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
لعنة الحب الأول #2
Manel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
إهتز كيانها و تزلزل فكرها و كاد قلبها أن يخرج من صدرها...هو هنا.. تراه بعد أكثر من ثلاث سنوات... لماذا؟ ماذا ستفعل؟ هل عليها أن تتجاهل وجوده؟... كل هذه الأسئلة تنخر رأسها حتى أنه يكاد ينفجر ألما...
تريد أن تصرخ في وجهه "ماذا تفعل هنا؟ ما الذي تريده؟" تريد أن تواجه سخرية القدر بكل ما أوتيت من غضب... لماذا عاد ليظهر في حياتها؟... عادت إلى أعماق روحها يحركها الطمع في أن تجد أثر وجوده في قلبها قد زال... و لكن... هيهات... يا خيبة المسعى... إنه هنا... لازال كامنا... مختبئا.... تجتاح تفاصيله تفاصيلها دون هوادة....
لم تكن قد إلتقطت أنفاسها بعد حتى إلتقى نظرها بنظره... وجدت عيناه كما عهدتهما... وجهه جميل المحيا لم يستحل وجه غريب.... إزدادت ملامحه عمقا.. و لحيته المبعثرة هنا و هناك... زادت وجوده وقارا... يا إلاهي ما الذي دهاها؟!... عليها أن تستيقظ من غيبوبتها... هو لم يعد حبيبها... لا يحق لها أن تشعر به كما تشعر به الآن.... بادرها قائلا : " مرت ثلاث سنوات و أربعة أشهر و خمسة عشر يوما و ساعتان على آخر مرة إلتقينا فيها...." إستغربت هذه الدقة فط ضبطه المسافة الزمنية الفاصلة بين لقاءهما هذا و آخر لقاء جمعهما... ما عهدته مكترثا بالوقت... كان دائما يشكو علاقته العداونية مع عنصر الزمن... لكنه اليوم قد تغير..
كان ينتظر إجابتها... لملمت ما تبقى منها و أجابته :" أجل مر زمن طويل... كيف حالك ؟
كادت تختنق و هو يرمقها بتلك النظرة التي لطالما خطفت أنفاسها
" أنا بخير... أجل أنا بخير و أنت ماذا فعلت بك الحياة؟ "
تشعر بأن قواها ستخور قريبا و لا تدرك بأي طريقة عليها أن تتصرف؟! بماذا ستجيبه؟ هل تخبره بأنها بعده عاشت حياتها كطفل ظل الطريق إلى أمه؟ هل تخبره بأن الألم أصبح توأم روحها بعد إنفصالهما؟
هل تحكي له عن ليالي الأرق و البكاء التي لازمتها مذ تركته؟ هل تبوح له بأن الحياة تركتها بعد أن تركها حبه؟
إستدركت أمرها قائلة " أنا أيضا بخير... أعيش الحياة التي لطالما حلمت بها..." قالت ذلك و هي تعلم أنها أكبر كاذبة على وجه البسيطة...
رد عليها ممتعضا "أنا فعلا سعيد من أجلك.." قال ذلك و هو يشاطرها صفة الكذب... هو أيضا يكذب... كلاهما ليس بخير.... هو ليس بخير لأنها لم تعد له... معه... و لكنها لازالت فيه... تقيم في ثنايا روحه... منحوتة في ملامح قلبه الحزين... مر زمن من الصمت قبل أن تستجمع شجاعتها و تسأله " ماذا تفعل هنا؟
" أنا هنا بدعوة من بعض الأصدقاء لنؤثث معا إحدى الأمسيات الشعرية..."
إستفهمت دون أن تشعر و قبل حتى أن تفكر.. " متى أصبحت شاعرا؟" كاد يخبرها أن إنفصالها عنه هو الدافع الأول الكامن وراء إستيقاظ الشاعر الذي لطالما كان مختبئا داخله...
متسترا وراء قلم يكتب نثرا ثائرا ناقدا للسياسة و الإقتصاد... عاد إلى وعيه... من المحال أن يتنازل و يكشف أمامها عن ألمه و هي التي تحيا الحياة التي كانت تريدها... بعيدا عنه....
خبأ إرتباكه بإبتسامة مصطنعة قائلا " أنا شاعرا أكتب حلمي و كابوسي... لذتي و ألمي... فرحي و حزني... أشكو إنسانيتي المطعونة إلى القرطاس و القلم... مثلك تماما... ألا تملكين مدونة إلكترونية تكتبين فيها دون أن تحتاجي إلى إسم مستعار كما كنت من قبل؟! أنا أعلم عنك الكثير... بالإضافة إلى أنك تعيشين الحياة التي لطالما إنتظرتها كما أخبرتني قبل قليل... "
لم يجد الكلام طريقه إلى لسانها... إختل توازنها... هو يعلم أنها تكتب مدونة إلكترونية أسبوعية تحمل إسمها... لا كما إعتادت أن تكتب بإسم مستعار... تراه يعرف عنها أشياء أخرى؟
تلعثم لسانها و خانتها لغتها فأجابت بتردد " أنا فعلا أكتب مدونة إلكترونية أسبوعية... أسعدني جدا أنك تقرأ ما أكتب... و يسعدني أكثر أنك أصبحت تكتب شعرا... من المؤكد أن لقلمك ظل رائع الجمال كما عهدته في النثر...
لم تعد قادرة على إدعاء أن لقاءهما طبيعي... و كأنها تلتقي بأحد جيرانها القدامى أو أحد زملاء الدراسة... هذا اللقاء ليس أبدا بعادي... هذا اللقاء يكاد ينهيها...
إقترب المترو من محطته الأخيرة حيث عليها أن تنزل لتزاول عملها... إقترب نبضها من التوقف مع إنخفاض سرعة المترو لأنها ربما لن تعود لتراه ثانية... ربما لن تخدمها الصدفة مرة أخرى... كانت تتأوه بينها و بين نفسها حتى مد يده مقدما لها مطوية دعوة لحضور الأمسية الشعرية التي سيشارك فيها قائلا " هذه دعوة لحضور الأمسية الشعرية مساء الغد... أتمنى أن تجدي وقتا للحضور...
منال عبد الوهاب الأخضر
Website Design Brisbane