Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

لعنة الحب الأول #3

ex-revientManel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر


مدت يدها لتأخذ مطوية الدعوة فلامست أطراف أصابعه... شعرت و كأن تيارا كهربائيا قويا قد صعقها... إرتعش قلبها و إهتزت أعماقها بقوة أقوى زلازيل العالم بمقياس ريختر العشقي ( عبارة إستوحتها من كاتبتها المفضلة أحلام مستغانمي)

إبتسمت إبتسامة ملغمة بالحب و الألم، بالشوق و الحنين و الرغبة في الإنهيار في حضرة العشق... و خاطبته قائلة " سأجد وقتا حتى لو لم يكن متوفرا... لن أفوت علي رؤية ما لم أره فيك من قبل..."

توقف المترو و حان وقت الوداع... نهضت عن الكرسي... وصلت الباب... كادت تقول "وداعا"... لكنها تذكرت أنه كان يطلب منها أن تنهي لقاءهما دوما بعبارة" إلى اللقاء " لأنه يكره الوداع... وجدت نفسها ترمقه بنظرة مشفرة لن يفهمها غيره قائلة" إلى اللقاء "... و كأنها أرادت له أن يفهم أنها لازالت تذكر أدق تفاصيل علاقتهما... ربما بعثت له رسالة مفادها أنها لم تتخلص منه بعد...

تراه فهم أنها تحتاجه أكثر من ذي قبل؟ هل يحق لها أصلا أن تحبه إلى اليوم؟ ألا يمكن أن يكون قد نسيها و سلم مقاليد الحكم في قلبه لإمرأة أخرى
بينما تتجاذبها كل هذه الأسئلة... وجدت نفسها أمام مقر عملها...

هذا الصباح كان إستثنائيا منذ البداية... مذ قررت أن تتناول قهوتها خارج المنزل على عكس العادة... هذا الصباح كان و لازال مرهقا... و تخشى أن يكون ما خفي أعظم
...

مرت الفترة الصباحية و هي لم تستوعب بعد هذا المنعرج الخطير الذي حصل في حياتها... رأيتها له بعد مرور هذه السنوات ليست إعتباطية... إنها لعبة من ألاعيب القدر....
لكن السؤال هو " هل سيرأف بها القدر هذه المرة أم أنه سيواصل إرتداء قناع القسوة في وجهها

تركت حرم الجامعة, حيث تعمل, و الحيرة تسيطر على محياها... لا تعلم إلى أين تذهب؟... هل تعود إلى المنزل... تعد قدحا من شراب النعناع و الليمون و تجلس أمام التلفاز تشاهد أحد البرامج المستهلكة المملة كأن شيئا لم يكن؟! هل تتصل بأختها تحدثها عن مكنونها الذي لا ذل فيه؟ هل تقصد البحر لعلها تجد في صوت أمواجه بلسما لروحها السقيمة ؟!... هل تترجم ما يجول في خاطرها عبر كتابته على مدونتها الإلكترونية؟..

تستغرب نفسها... فعلى الرغم من حالة الضياع التي تعانيها إلا أنها تشعر بنوع من السعادة... إنه بالضبط ما يحلو لها أن تسميه " التيه اللذيذ"... هي تائهة فعلا و لكنها في وسط كل هذه الفوضى... فوضى الحواس... الأفكار و المشاعو... تشعر أنها عادت... أخيرا... إلى الحياة...

حسمت أمرها و قررت أن تتعامل مع هذا " الحدث الجلل" على أنه مجرد صدفة ستمر كما مرت غيرها من الصدف في حياتها... و لكن ماذا عن الدعوة؟ هل ستحضر الأمسية الشعرية أم ستتجاهل أمرها؟

تعلم جيدا أنها حتى و إن حاولت أن تتجاهل الدعوة فإنها لن تستطيع... تشتاقه جدا و تحتاج أن تراه و أن تملأ عينيها برؤياه... أن تتعبق رائحة وجوده حتى لو كانت بين الحشود كإحدى الحاضرات في أمسيته الشعرية... ستغامر و تحضر الأمسية الشعرية و ليكن الأمر كما قدر له أن يكون..

في الطرف الآخر من أطراف مدينة الحب و الأنوار، حيث يقيم... كان قابعا هناك يشاركها " التيه اللذيذ".... كان ينتظر الغد بفارغ الصبر....لكنه لم يكن متأكدا من حضورها... كان يخشى أن يكون حبيبها في إنتظارها فتوثر لقاءه على الإستجابة لدعوته... كان يستشيط غضبا و يحترق غيرة بمجرد تفكيره أن في حياتها رجل آخر... هذه الغيرة ترافقه كما ظله مذ إفترقا... لم يكن لقاؤه بها بمحض الصدفة... لقد كان يعلم أنها تتنقل عبر المترو يوميا في ذلك الوقت من الصباح.. صديق قديم مشترك بينهما أخبره بذلك...

لم تكن في حال أفضل من حاله... فهي تصارع قلبها بمعونة عقلها.... قلبها الذي يجيز لها أن تحلم به و أن تعلن له و للكون بأسره أنها تعشقه... لكن عقلها يستدرك الأمر و يعيد الأمور إلى نصابها و يذكرها بحقيقة أنهما منفصلان منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات... ترى ماذا سيحدث غدا؟ ستعلم غدا... و إن غدا لناظره قريب...


منال عبد الوهاب الأخضر
لعنة الحب الأول #3