Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
لعنة الحب الأول #21
Manel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
نهضت عن الأريكة و هي عازمة على حسم أمرين مهميّن في حياتها....ستفصل القول اليوم في شأن أمر عودتها إلى تونس و كذلك في شأن علاقتها بتيم... أرسلت له رسالة نصيّة قصيرة مفادها أنّها تريد أن تلقاه لمناقشة بعض الأمور... و كان الأمر كذلك...ضربا موعدا في إحدى المقاهي الموجودة في شارع سان ميشال...
كانت تنتظره...لقد حضرت قبل الموعد بثلث ساعة حتى تخفّف التوتّر الذي يعتريها....دلف إلى المقهى فرآها من بعيد و هي تعبث بأزرار معطفها... فأدرك للتوّ أنّ هناك خطبا ما و أنّ هذا اللّقاء لن يكون لقاء عاديّا...ربّما سيحمل في طيّاته تغيّرات جذريّة .... تقدّم نحو طاولتها فلاحظ أنّها لم تطلب ، حتّى ، شرابا أو طعام...يبدو أنّها قابعة في إنتظاره ...جذب الكرسي بهدوء حتى لا يثير فزعها و هي التي تبدو في عالم آخر...رمشت بطرف عينها و قد عادت لتوّها من غيبوبة ....
إبتسمت في وجهه إبتسامة مرتبكة تشكو همّا يقلق صاحبته... تبادلا تحيّة الصباح.... كلاهما يربك الآخر ....هي تربكه بقلقها الذي يبدو واضحا في عينيها، في حركاتها و حتّى في نبرة صوتها... و هوّ يربكها لأنّه يخبرها بطريقة غير مباشرة أنّه في إنتظار أن يسمع ما تخفيه عيناها من كلام....أمسكت ياقة معطفها ثمّ أرخت قبضتها عنها و قالت " تيم...أريد العودة إلى تونس ....لقد قرّرت العودة بعد إنتهاء الفصل الدراسي الحالي مباشرة ...سأعود في إجازة ربّما تتحوّل إلى عودة نهائيّة ...لقد مللت الغربة ...أضناني الشوق إلى دفء العائلة ....حنان الأمّ ....حماية الأب و مساندة الإخوة... أحتاج أن أستنشق هواء بلدي....سأعود و على الأغلب ستكون عودة نهائيّة..."
توقّعت أن يثور غضبا و أن يصخ في وجهها متسائلا " أين أنا من قرارك هذا ؟ أليس من المفترض أنّنا ثنائيّ يتّخذ قراراته مناصفة ؟ " ... نظرت إلى يده فرأت أنّه لم يكن ينقر بأطراف أصابعه على الطاولة ... إذن فهوّ لم يغضب من كلامها ... قاطع تخميناتها قائلا " هذا ما كنت أتوقّعه منك....لقد تردّدت أكثر من مرّة في طرح هذه المسألة معك ...حبيبتي أنا أؤيّد قرارك....علينا أن نعود .... فما مكوثي هنا إلاّ من أجل إستعادتك و إسترجاع علاقتنا...لنعد لين ... فلنبدأ من جديد من حيث ولد حبّنا و ظنناه مات... " شعرت براحة كبيرة و أخذت نفسا عميقا.... تنفّست الصعداء... ها قد وقف القدر إلى جانبها ثانيّة ....لن يكون قرار العودة عائقا بينهما...و أخيرا سوف تعود ... أسبوعين فقط و ستعود إلى موطنها....
******** إنتهى الفصل الدراسي الأوّل ... إنّه ديسمبر... شهر المفاجآت ....لذلك إختارت أن يكون موعد عودتها مفاجأة لعائلتها...إنتهت من حزم حقيبتها .... ستقلع طائرتها على الساعة الثامنة صباحا ....لم يتبق بينها و بين العودة سوى سويعات قليلة من النوم... ستعود إلى الوطن بعد غياب لم تخفّف الزيارات القصيرة من حدّته و من شدّة وطأته على فؤادها....
و أخيرا... حطّت الطائرة رحالها على أرض تونس الحبيبة.... هنا حيث يبدو كلّ شيء مختلفا... إنتهت بسرعة من الإجراءات الروتينية ووجدت نفسها خارج المطار... تستنشق هواء البلاد... رفعت نظرها إلى السماء.... شكرت الله على هذه اللحظة و على السلام الذي سكن روحها مذ وطأت قدماها أرض الوطن... تقدّم منها سائق سيارة أجرة بوجه بشوش... سألها عن وجهتها ثم حمل حقيبتها و فتح أمامها الباب الخلفي... كانت تتأمل جمال الأماكن و تلمس ألفة في ملامح المارّة كانت تفتقدها في باريس... لم تنتبه إلى الطريق إلى أن توقف السائق أمام المنزل مباشرة.. هنا... حيث شبّت... حيث تعرّفت على أوّل ملامح الحياة... هنا... حيث تعلّمت أن تحبّ نفسها لأنّها تستحق ذلك... نزلت من السيارة... جرّت حقيبتها نحو البوابة الخارجية... و كلّما إقتربت إقترب نبضها من التوقف... توقّفت أمام البوابة الخارجية... فتحتها و دلفت إلى الحديقة... إنّها الحديقة التي أمضت أيام مراهقتها في العناية بها صحبة والدها... تقدمت نحو الباب الخشبي الذي تحمل نقوشه آلاف الذكريات... دقّت الجرس... لم يطل إنتظارها حتى فتح الباب وكان الواقف أمامها والدها... بكلّ عنفوانه و أنفته... بأناقته المعهودة... بعينبه العسليتين المختبئتين وراء النظارة الطبيّة... بشعره الأسود المزيّن بالشيب و لحيته المنظّمة و شاربه الأنيق... مرّت ستة أشهر مذ رأته آخر مرّة و لكن شوقها له بحجم ألف دهر و دهر...
تسمّر والدها في مكانه من وقع المفاجأة.... لكنّه سرعان ما إستعاد سحر اللّحظة و جذب إبنته الصغيرة إلى حضنه.... عانقها بشدّة و لفّها بذراعيه، كما كان يفعل حين كانت رضيعة، و كأنّه يخاف أن تختفي فجأة من أمامه... تمسّكت بأطراف قميصه و لم تمنع نفسها من البكاء هذه المرّة... ما أطيب رائحته و ما أجمل إحساسها بالأمان في حضنه الذي لطالما إعتبرته حصنها المنيع... ها أنّها تعاين من جديد الإحساس بشعيرات لحيته تنخز وجهها و هيّ تقبّل وجنتيه المباركتين... ها قد عادت طفلة في حضرة والدها... وطنها الذي يعيش داخلها... أمسك رأسها بكلتا يديه... قبّل جبينها و قال " لماذا لم تخبري أحدا بموعد وصولك؟ شقيّة أنت كما عهدتك يا سمرائي الحلوة...".... أحذ الحقيبة منها و سبقها إلى الداخل معلنا للبقية وصول الأميرة... إبنته الكبرى... قنديل البيت كما يحلو له وصفها... ها أنّها الآن هنا... في مملكتها... بين أحبّائها... هل ستكون هذه بداية سعادتها التي تتحقّق على مهل؟...
توقّعت أن يثور غضبا و أن يصخ في وجهها متسائلا " أين أنا من قرارك هذا ؟ أليس من المفترض أنّنا ثنائيّ يتّخذ قراراته مناصفة ؟ " ... نظرت إلى يده فرأت أنّه لم يكن ينقر بأطراف أصابعه على الطاولة ... إذن فهوّ لم يغضب من كلامها ... قاطع تخميناتها قائلا " هذا ما كنت أتوقّعه منك....لقد تردّدت أكثر من مرّة في طرح هذه المسألة معك ...حبيبتي أنا أؤيّد قرارك....علينا أن نعود .... فما مكوثي هنا إلاّ من أجل إستعادتك و إسترجاع علاقتنا...لنعد لين ... فلنبدأ من جديد من حيث ولد حبّنا و ظنناه مات... " شعرت براحة كبيرة و أخذت نفسا عميقا.... تنفّست الصعداء... ها قد وقف القدر إلى جانبها ثانيّة ....لن يكون قرار العودة عائقا بينهما...و أخيرا سوف تعود ... أسبوعين فقط و ستعود إلى موطنها....
******** إنتهى الفصل الدراسي الأوّل ... إنّه ديسمبر... شهر المفاجآت ....لذلك إختارت أن يكون موعد عودتها مفاجأة لعائلتها...إنتهت من حزم حقيبتها .... ستقلع طائرتها على الساعة الثامنة صباحا ....لم يتبق بينها و بين العودة سوى سويعات قليلة من النوم... ستعود إلى الوطن بعد غياب لم تخفّف الزيارات القصيرة من حدّته و من شدّة وطأته على فؤادها....
و أخيرا... حطّت الطائرة رحالها على أرض تونس الحبيبة.... هنا حيث يبدو كلّ شيء مختلفا... إنتهت بسرعة من الإجراءات الروتينية ووجدت نفسها خارج المطار... تستنشق هواء البلاد... رفعت نظرها إلى السماء.... شكرت الله على هذه اللحظة و على السلام الذي سكن روحها مذ وطأت قدماها أرض الوطن... تقدّم منها سائق سيارة أجرة بوجه بشوش... سألها عن وجهتها ثم حمل حقيبتها و فتح أمامها الباب الخلفي... كانت تتأمل جمال الأماكن و تلمس ألفة في ملامح المارّة كانت تفتقدها في باريس... لم تنتبه إلى الطريق إلى أن توقف السائق أمام المنزل مباشرة.. هنا... حيث شبّت... حيث تعرّفت على أوّل ملامح الحياة... هنا... حيث تعلّمت أن تحبّ نفسها لأنّها تستحق ذلك... نزلت من السيارة... جرّت حقيبتها نحو البوابة الخارجية... و كلّما إقتربت إقترب نبضها من التوقف... توقّفت أمام البوابة الخارجية... فتحتها و دلفت إلى الحديقة... إنّها الحديقة التي أمضت أيام مراهقتها في العناية بها صحبة والدها... تقدمت نحو الباب الخشبي الذي تحمل نقوشه آلاف الذكريات... دقّت الجرس... لم يطل إنتظارها حتى فتح الباب وكان الواقف أمامها والدها... بكلّ عنفوانه و أنفته... بأناقته المعهودة... بعينبه العسليتين المختبئتين وراء النظارة الطبيّة... بشعره الأسود المزيّن بالشيب و لحيته المنظّمة و شاربه الأنيق... مرّت ستة أشهر مذ رأته آخر مرّة و لكن شوقها له بحجم ألف دهر و دهر...
تسمّر والدها في مكانه من وقع المفاجأة.... لكنّه سرعان ما إستعاد سحر اللّحظة و جذب إبنته الصغيرة إلى حضنه.... عانقها بشدّة و لفّها بذراعيه، كما كان يفعل حين كانت رضيعة، و كأنّه يخاف أن تختفي فجأة من أمامه... تمسّكت بأطراف قميصه و لم تمنع نفسها من البكاء هذه المرّة... ما أطيب رائحته و ما أجمل إحساسها بالأمان في حضنه الذي لطالما إعتبرته حصنها المنيع... ها أنّها تعاين من جديد الإحساس بشعيرات لحيته تنخز وجهها و هيّ تقبّل وجنتيه المباركتين... ها قد عادت طفلة في حضرة والدها... وطنها الذي يعيش داخلها... أمسك رأسها بكلتا يديه... قبّل جبينها و قال " لماذا لم تخبري أحدا بموعد وصولك؟ شقيّة أنت كما عهدتك يا سمرائي الحلوة...".... أحذ الحقيبة منها و سبقها إلى الداخل معلنا للبقية وصول الأميرة... إبنته الكبرى... قنديل البيت كما يحلو له وصفها... ها أنّها الآن هنا... في مملكتها... بين أحبّائها... هل ستكون هذه بداية سعادتها التي تتحقّق على مهل؟...
Website Design Brisbane