Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

لعنة الحب الأول #22

first-love-memoriesManel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
مضى أسبوع على عودتها تخلّلته أوقات ممتعة قضّتها رفقة العائلة و الأصدقاء و لم يعكّر صفوها سوى علامات القلق و ملامح الإمتعاض التي كانت تلمحها في وجه والدها رغم محاولته إخفاءها...عاد ذاك الشعور المبهم يراودها... يسكن قلبها هاجس مخيف بأنّ خطبا  ما سيصيب والدها...

كان جليّا بالنسبة لها أنّه يخفي عن الجميع أمرا ما حتى لا يفسد سعادة العائلة بعودتها... حاولت أن لا تنساق وراء مخاوفها فقرّرت أن تحدّثه، و والدتها ، في شأن علاقتها و "تيم"... هذه العلاقة التي قرّرا منحها منحى جديدا....كان " تيم " قد حدّث أمّه في هذا الشأن و أعلمها أنّه و "لين " قرّرا الزواج و الإستقرار في تونس...

أخبرها أنّه واثق تمام الثقة أنّ عودة " لين " إلى حياته هو الخيار الأفضل بالنسبة له و لإبنه الصغير الذي يحتاج أمّا تحبّه و ترعاه...أبدت أمّه ترحيبا بالفكرة و تمنّت له التوفيق طالبة منه أن يجمعها بكنّتها المستقبليّة في لقاء منفرد قبل أن تصبح الأمور أكثر رسميّة...كان كلّ شي يبدو على ما يرام... و كأنّ السعادة في إنتظارهما و لكنّ كمّا هائلا من القلق كان يلازمها...ينبؤها إحساسها بأنّ الأمور في طريقها إلى أن تسوء...رغم ذلك، قرّرت أن تتفاءل مطبّقة قانون الجذب الذي يقول بأنّ على الشخص أ، يفكّر في ما يريد حدوثهو كأنّه يحدث فعلا حتى يجذب إلى حياته موجات إيجابية تبثّ فيه الأمل و تحفّزه نحو الأفضل...
**********

إستيقظت على صوت المنبّه...نظرت إلى شاشة هاتفها فأدركت أنّ اليوم هوّ موعدها مع السيدة " عليا "... والدة تيم...يقلقها هذا اللّقاء كثيرا... ربمّا لأنّها سترى هذه المرأة للمرّة الأولى...تحاول أن تتخيّل شكلها و لكنّها تعجز عن ذلك... فحتّى عندما حدّثها " تيم " عنها لم يذكر سوى قوّتها و صلابتها و ثبات أحكامها التي لا تحيد عنها مهما كان ...الثمن... تراها ستنال إعجابها؟ كيف سيكون اللقاء الأوّل بينهما ؟ هل ستحبّها أم ستستاء منها ؟... كلّ هذه التساؤلات تزيد توتّرها...مابالها ؟ لماذا يسيطر عليها الإرتباك إلى هذه الدرجة؟... عليها أن تستعيد ثقتها بنفسها و هدوءها... عليها أن تظهر أمامها بمظهر المرأة المعتدّة بذاتها... تركت السرير  إتّجهت نحو غرفة أختها "لمار" .... أختها الصغيرة ... المرحة... المجنونة التي تضجّ حياة سمنحها الدعم المطلوب كي تبدأ يومها في سلام...دلفت إلى الغرفة و كانت " لمار " لم تزل نائمة بعد...جلست على طرف السرير تتأمّل ملامحها الناعمة الجميلة و أدركت أنّ أختها الصغيرة لم تعد كذلك... لقد كبرت " لمار " و بدأت تشقّ طريقها في درب الحياة...

عادت بها الذاكرة إلى يوم ولادة أختها...مثلت بين عينيها صورتها و هي دامعة العينين... تودّع أمّها و هي في طريقها إلى المستشفى بعد أن داهمتها آلام المخاض...لا يمكن أن تنسى تشبّثها،وشقيقها ، بتلابيب ثوب والدتهما طالبين منها عدم المغادرة... و لكنّها لن تنسى ، في المقابل ، الفرحة العارمة التي غمرتهما عندما إتّصل والدهما يبرهما بأنّ الصغيرة قد شرّفت الحياة بحضورها....كانا قد إختارا لأختهما الصغيرة إسم " لمار "... حينها كان إختيارهما للإسم إعتباطيّا... لكن حين بحثا لاحقا عن معنى الإسم إكتشفا أنّه أعجمي الأصل و أنّه يعني البريق و الشعاع....و يالها من صدفة...فقد كانت أختها ، و مازالت ، بمثابة نور البهجة و السرور الذي حلّ على عائلتها ....قاطع صوت أمّها ذكرياتها .... أعلنت أمّها...سيّدة البيت و ملكته ساعة الإستيقاظ للجميع....فتحت "لمار " عينيها بصعوبة و كأنّها لا تودّ ترك أحلامها....

و ما إن أدركت أن أتا تجلس على طرف سريرها حتّى عانقتها في حركة طفولية و قبّلت خدّها قائلة " خلت نفسها في حلم...كم أتمنّى أن أستيقظ كلّ صباح و أجدك هنا...على طرف سريري...أختاه...أرجوك عودي عن غربتك فأنا أحتاجك جدّا..."... ضمّتها " لين " و أسرّت لها هامسة أنّها ستعود لا محالة ثمّ قالت بحماس " هيّا... أنفضي عنك غبار الكسل آنستي الصغيرة...فأمامك مهمّة شديدة الخطورة اليوم... ستختارين لي ما سأرتديه لمقابلة والدة " تيم "... هيا إلى طاولة الطعام قبل أن تثور أمّي غضبا...".... إرتفع صوت ضحكاتهما فعمّ أرجاء المكان فإرتسمت إبتسامة رصينة ملغّمة بالألم على ثغر والدهما الذي كان في غرفته....نظر إلى وجهه في المرآة فلمح شحوبا يعتليه....تنفّس بعمق و تساءل بينه و بين نفسه " إلى متى سوف يخفي أمر مرضه عن الجميع... حتّى عن زوجته...حبيبته... شريكة عمره....؟ إلى متى سيتحمّل أوجاعه في صمت و يتلقّى علاجه في سريّة تامّة؟ إلى متى سيمنحه الله القوّة للإستمرار في إدّعاء القوّة؟... إلى متى ؟.... ".....


 

منال عبد الوهاب الأخضر


 لعنة الحب الأول #22