Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
لعنة الحب الأول #16
Manel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
إستيقظت على صوت أزيز الستائر حين فتحت أمّها نوافذ الغرفة... لامست خيوط شمس الصباح وجهها فأغمضت عينيها مجدّدا و كأنّها تخشى إستعادة أحداث الليلة الفارطة... لا تريد أي رابط يعيدها إلى ما مرّت به... سوف تحاول تجاهل ألمها و لن تسمح للإنكسار أن يتمكّن منها فالهزيمة ثوب لا يليق بها... هكذا علّمها والدها... أن تكون أقوى من الأيام و أشد من الظروف... ألقت تحيّة الصباح على والدتها و أعلنت بداية يومها بإقامة أوّل و أهمّ و أقدس طقوسه... القهوة... تلك الفاتنة السمراء التي تترشّفها الشفاه و يتذوّقها اللسان فتنفذ إلى ثنايا الروح فتشفيها سقمها مهما كان بليغا... القهوة... هذه الرفيقة التي لا تخون... هي الدواء الذي ما فشل يوما في علاجها... بينما كانت تستمع بقهوة الصباح...
فاجأتها أمّها بطبق من الفاكهة المطعّمة بالشوكولا السائلة... يا لروعة أمّها.... فهي تعلم جيّدا كيف تواسيها... فلا شيء يذهب الإكتئاب أفضل ممّا تفعل الشوكولا فما بالك لو كانت مفكّهة...إنتهت من إحتساء قهوتها و التلذّذ بطبق أمّها سحري المفعول... إستعدّت لبدء يوم سيكون متعبا على الأغلب... ربّما سيكون أفضل بالنسبة إليها... لقد قرأت مرّة أنّ الإنهماك في العمل يساعدنا على عدم التفكير في تعاستنا و يقلّل من بحثنا المضني عن السعادة التي، كانت و ستبقى، إلى الأزل من قبيل المنشود... إنطلقت في رحلتها اليومية بعد أن عطّرت نفسها بدعاء أمّها الحبيبة الذي أمطرها و أراح نفسها... تذكّرت أنّ أمّها لن تطيل البقاء معها فهي ستعود إلى أرض الوطن في غضون أيام قليلة... وصلت مقرّ الجامعة فصادفتها زميلتها اللبنانية " كولييت" ... تبادلتا إبتسامة صامتة مرهفة الحسّ تغني عن الكلام... " كولييت" تلك الفتاة القادمة من جبال الأرز... لقد عانت كثيرا من أهوال الحرب قبل أن تقدّم لها خالتها المقيمة في فرنسا فرصة للعيش من جديد...
لطالما حدّثتها عن الرعب الذي عاشته حين كانت في سنّ العاشرة..... لقد كان صوت صفارات الإنذار يصمّ أذنيها عن السمع... لقد حدّثتها مرّة عن القبو الذي كان مخبأ لها و لعائلتها و لجيرانها خوفا من القصف... القصف الذي أودى بحياة أكثر من نصف أفراد عائلتها.... لكن ما كان يدهشها فعلا هو أنّ " كولييت" ، رغم هذا الكمّ الهائل من الألم، لم تتركها إرادة الحياة يوما... ربّما عليها أن تقتدي بها... فإذا قارنت بين مصابها و مصاب " كولييت" ... ستبدو غبيّة فعلا... ولجت قاعة الدرس و حان وقت العمل... بدت مستمتعة بتفاعل طلابها معها.... هؤلاء الطلاب الذين أخذت على عاتقها مهمّة تخليصهم بلادة أذهانهم... فمع كلّ درس تقدّمه لهم تعلن عليهم حرب المعرفة... تعلن عليهم لحظة اليقظة الفكرية.... لقد راهنت يوم إختارت التدريس مهنة، منهجا و أسلوب حياة، على أن تعلمّ طلابها هوس القراءة و أن تزرع في نفوسهم ألفة الكتاب الذي تؤمن بأنّه، كما القهوة.... صديق لا يخون... كلّ ما في الأمر أنّها حين تكون في فصلها... مع طلابها... تشعر و كأنّها ملكة على عرش مملكتها...هنا فقط تنسى همومها و تتناسى إمتعاضها من هذا الواقع الذي لا يعجبها... يبدو أنّ أسعد أوقاتها هي تلك التي تمضيها أثناء العمل.....
سرعان ما إنتهت الحصّة الصباحيّة و حان الوقت كي تتحوّل من أستاذة إلى طالبة... فهي على وشك لقاء أستاذتها التي تؤطّر عملها على أطروحة الدكتوراه....تركت قاعة الدرس و إتّجهت نحو المقصف كي تبتاع قنينة ماء....واجهت جمود ملامح صاحب القصف و برود تحيّته بإبتسامة مشرقة...فقد علّمها والدها أن تبادر دوما بالتحية فالإبتسام في وجه الغير صدقة...لطالما حيّرها هذا الشاب المدعوّ " أنطوان " أصيل الألزاس...فوجهه يكاد يخلو من التعابير...تستغرب إنكماش تقاطيع وجهه النحيل...تراه يمضي حياته بهذه الطريقة في التعامل أم أنّه يبدو هكذا فقط في العمل؟...في كلّ الأحوال أمر هذا الفرنسي لا يعنيها في شيء... حسبها الآن أن تأخذ قسطا من الراحة تتناول خلاله شيئا من الطعام قبل لقائها بالأستاذة المؤطّرة ...سوف تملأ يومها حتى لا تدع لنفسها فرصة التفكير فيه...ستقطع الطريق أمام الحنين و الألم ...إعترضت " كولييت " طريقها مرّة أخرى فقرّرتا تناول طعام الغداء سويّة...توجّهتا إلى أحد المطاعم القريبة و إختارتا تناول بعض المعجّنات الفرسيّة مع سلطة خضار طازجة...حاولت الإستمتاع بالطعام و هي تستمع إلى حديث " كولييت " الشيّق حول عزمها تأسيس جمعيّة تعنى بنشر اللّغة العربيّة حول العالم خاصّة و أنذّ هناك الديد من المغتربين في مختلف أرجاء فرنسا يتوقون إلى تكلّم اللّغة العربيّة... طلبت منها " كولييت " أن تساعدها في إنتقاء إسم للجمعيّة و أن تنتسب إليها بل و أن تكون عضوا ناشطا فيها... راقت لها الفكرة كثيرا... و على الفور خطر ببيالها الإسم.. " أصدقاء الضّاد "... سيكون إسما إستثنائي... غير تقليدي...أومأت زميلتها برأسها موافقة بحماس على الإسم...بينما كات بصدد مناقشة تفاصيل تأسيس الجمعيّة و الأوراق الرسميّة المطلوبة... رنّ هاتفها و كانت أستاذتها تعلمها أنّها إقتربت من المقهى الذي ستلتقيان فيه...
أبدت الأستاذة المؤطّرة موافقتها على الفصل الأول من أطروحتها التي تتناول من خلالها قضية المرأة في علم الإجتماع المعاصر.... أسعدتها عبارات الإطراء و حفّزتها للمضي قدما... لم تكن قد إستردّت أنفاسها بعد حين خيّل لها أنّها لمحته... يبدو أنّها تعاني من التهيّؤات... أغمضت عينيها في محاولة لإستعادة توازنها... و حين أعادت فتحهما رأته يمرّ وراء طاولتها نحو الفناء الخارجي للمقهى... و قد كان صغيره بصحبته... ضحكت ساخرة من نفسها " أكان عليك أن تريه حتى تصدّقي وجوده؟ إنّه موجود و حقيقي..." تمالكت ما تبقّى من أعصابها و وودّعت أستاذتها على أمل لقاء قريب... و قبل أن تخرج عرجّت بنظرها على الفناء... و كان أن واجهتها ملامح الصغير التي تتشابه إلى حدّ التماهي مع ملامح والده... لا يمكنها أن تكتم غيضها و حنقها من وجود هذا الطفل... لا يمكن أن تدعيّ أنّها تحبّ وجوده أو حتى تتقبّله.... حتى لو أنّ ما بينها و بين " تيم" قد إنتهى... فإنّ حقيقة أنّه أنجب طفلا من إمرأة أخرى تذبحها... همّت بالخروج و قبل أن تفعل ذلك " ألقى عليها القبض" و هي تسترق النظر إليه... ها أنّها تضع نفسها مجدّدا في موقف لا تحسد عليه... ماذا لو أنّها خرجت دون أن تتطفّل بنظراتها الخجولة عليهما... يا إلاهي... إنّه يتّجه نحوها... كيف عساها تهرب منه هذه المرّة؟...
سرعان ما إنتهت الحصّة الصباحيّة و حان الوقت كي تتحوّل من أستاذة إلى طالبة... فهي على وشك لقاء أستاذتها التي تؤطّر عملها على أطروحة الدكتوراه....تركت قاعة الدرس و إتّجهت نحو المقصف كي تبتاع قنينة ماء....واجهت جمود ملامح صاحب القصف و برود تحيّته بإبتسامة مشرقة...فقد علّمها والدها أن تبادر دوما بالتحية فالإبتسام في وجه الغير صدقة...لطالما حيّرها هذا الشاب المدعوّ " أنطوان " أصيل الألزاس...فوجهه يكاد يخلو من التعابير...تستغرب إنكماش تقاطيع وجهه النحيل...تراه يمضي حياته بهذه الطريقة في التعامل أم أنّه يبدو هكذا فقط في العمل؟...في كلّ الأحوال أمر هذا الفرنسي لا يعنيها في شيء... حسبها الآن أن تأخذ قسطا من الراحة تتناول خلاله شيئا من الطعام قبل لقائها بالأستاذة المؤطّرة ...سوف تملأ يومها حتى لا تدع لنفسها فرصة التفكير فيه...ستقطع الطريق أمام الحنين و الألم ...إعترضت " كولييت " طريقها مرّة أخرى فقرّرتا تناول طعام الغداء سويّة...توجّهتا إلى أحد المطاعم القريبة و إختارتا تناول بعض المعجّنات الفرسيّة مع سلطة خضار طازجة...حاولت الإستمتاع بالطعام و هي تستمع إلى حديث " كولييت " الشيّق حول عزمها تأسيس جمعيّة تعنى بنشر اللّغة العربيّة حول العالم خاصّة و أنذّ هناك الديد من المغتربين في مختلف أرجاء فرنسا يتوقون إلى تكلّم اللّغة العربيّة... طلبت منها " كولييت " أن تساعدها في إنتقاء إسم للجمعيّة و أن تنتسب إليها بل و أن تكون عضوا ناشطا فيها... راقت لها الفكرة كثيرا... و على الفور خطر ببيالها الإسم.. " أصدقاء الضّاد "... سيكون إسما إستثنائي... غير تقليدي...أومأت زميلتها برأسها موافقة بحماس على الإسم...بينما كات بصدد مناقشة تفاصيل تأسيس الجمعيّة و الأوراق الرسميّة المطلوبة... رنّ هاتفها و كانت أستاذتها تعلمها أنّها إقتربت من المقهى الذي ستلتقيان فيه...
أبدت الأستاذة المؤطّرة موافقتها على الفصل الأول من أطروحتها التي تتناول من خلالها قضية المرأة في علم الإجتماع المعاصر.... أسعدتها عبارات الإطراء و حفّزتها للمضي قدما... لم تكن قد إستردّت أنفاسها بعد حين خيّل لها أنّها لمحته... يبدو أنّها تعاني من التهيّؤات... أغمضت عينيها في محاولة لإستعادة توازنها... و حين أعادت فتحهما رأته يمرّ وراء طاولتها نحو الفناء الخارجي للمقهى... و قد كان صغيره بصحبته... ضحكت ساخرة من نفسها " أكان عليك أن تريه حتى تصدّقي وجوده؟ إنّه موجود و حقيقي..." تمالكت ما تبقّى من أعصابها و وودّعت أستاذتها على أمل لقاء قريب... و قبل أن تخرج عرجّت بنظرها على الفناء... و كان أن واجهتها ملامح الصغير التي تتشابه إلى حدّ التماهي مع ملامح والده... لا يمكنها أن تكتم غيضها و حنقها من وجود هذا الطفل... لا يمكن أن تدعيّ أنّها تحبّ وجوده أو حتى تتقبّله.... حتى لو أنّ ما بينها و بين " تيم" قد إنتهى... فإنّ حقيقة أنّه أنجب طفلا من إمرأة أخرى تذبحها... همّت بالخروج و قبل أن تفعل ذلك " ألقى عليها القبض" و هي تسترق النظر إليه... ها أنّها تضع نفسها مجدّدا في موقف لا تحسد عليه... ماذا لو أنّها خرجت دون أن تتطفّل بنظراتها الخجولة عليهما... يا إلاهي... إنّه يتّجه نحوها... كيف عساها تهرب منه هذه المرّة؟...
Website Design Brisbane