لم اكن ابنة صعبة المراس بالنسبة لوالداي ... لم اكن اهتم بما يشغل شباب اليوم او شابات اليوم.... بل كان لي عالمي الخاص.... وهذا ما جعل الجميع يتسائل.... عن غموضي... عن سر جلوسي المتواصل بالبيت...  عن اسراري التي لا اشارك بها احدا... مما يخول للجميع و حتي المقربين مني ... ان يضعو نقاط استفهام حولي... وان يحاولو فك الغاز حياتي و شخصياتي... و تصرفاتي الغريبة....

اطمئنكم احبتي انني لا انتمي الي اي توجه .... و لا اتبني اي فكر... و لا غرابة في تصرفاتي بالنسبة لي علي الاقل.... و لا انوي ذلك... انا مجرد عشرينية.... بيتوتية.... انا مجرد فتاة تعلمت درسا في حياتها زرع فيها نضجا جعلها تبدو لكم غريبة.... انا مجرد فتاة ذكية استطاعت ان تظهر لكم صورة لا تعكس داخلها ابدا.... لا احد استطاع فك الغاز كلماتي الي اليوم.... لا احد برر لي اقوالي او افعالي بشكل صحيح....

لا احد استطاع ان يشعر باحاسيسي و مشاعري و خوفي و رهبتي و حتي لحظات فرحي.... التهور الذي يظهر لبعضكم .... هو ينبوع من حب للحياة... من رغبة في ان اكون مختلفة.... هو قطرة افاضت كأس تجاربي... مراهقتي لم تكن سهلة قط.... مراهقتي كانت عبارة عن تجربة تليها تجربة.... يصاحبه درس تلو الاخر.... مراهقتي هي سبب خلق شخصية اليوم... مراهقتي لم تكن فترة عادية جعلتني اعيش جنون العشرين... و قلق الثلاثين.... و يأس الاربعين.... تحملت مسؤوليات اكبر من عمري.... حفظت اشياء دفينة الي الان .... تعلمت دروسا من المفروض ان اكتشفها في عمر الخامسة و العشرين.... يسألني صديق دوما .... و يلح علي بأسئلة كثيرة و يضع نقاط تعجب شتي... يقول بانني غريبة الاطوار.... لي تفكير لم يفهمه قط.... اظهر يوم و اختفي شهر.... اجيبه ساعة و اهرب اربع.... اكون في حالة اتحول لحالة اخري.... يقول لي لم استطع يوما ان اصفك او احدد شخصيتك او احبسك بنظرة معينة وانت تتغيرين حسب الاوقات و الفصول و الاحوال.... اراك شاردة و تبتسمين في نفس الوقت.... اراك باسمة و تبكين.... سعيدة و تحزنين... طفلة و راشدة....

تري ما عشت لتصبحين بهذا الغموض.... تري كم ليلة سهرت تفكرين لتكوني  بهذا الثبات... وكم من درس تعلمتي لتنضجي هكذا.... و كم من حزن عشت لتصبحي يائسة و كم من فرح احسست لتكوني قوية .... بالفعل في الظاهر اعاني صراعا وجوديا.... ابحث عن ذاتي بينكم و في هذا العالم.... اعاني لاجد حقيقتي.... ولكنني في داخلي اعي بوجودي.... لانني لم انقطع يوما عن التفكير... لانني لم اكف عن السؤال.... لانني احلل كل درس اتعلمه من كل خطأ.... لانني الاحظ و ابحث و لا اكف عن البحث حتي وان وجدت الاجابة اطرح قضية اخري.... تعب عقلي من التشويش الفكري.... تعبت من الدخول في قضايا و الخروج من اخري.... ولكن الذي اتعبني هو عدم قبول هذا من قبل الجميع.... هو حكم الجميع من الظاهر.... هو الجمود الفكري الذي يعاني منه شباب اليوم.... حب المظاهر و السعي نحو الوصول الي الاحلام المستهلكة ... الي درجة اننا اصبحنا قوالب نتشارك حتي في الحلم.... و انا فتاة لا اشارك حلمي مع احد ... اغار علي حلمي ان يتقاسمه معي اي شخص.... انا فتاة ابحث لا اؤمن بالمسلمات و الموجود.... بل اسعي الي المنشود.... هذه انا ... هذا عالمي.... لا تغركم المظاهر.... و لا يغركم ما ترونه.... لانه ليس انا... ليس عالمي.... ليس حقيقتي.... ليس واقعي...