Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

ركين #37

manel-abdelwaheb-rakinManel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر


تردّد قليلا قبل أن يُشير إليها برأسه أن تلتف و تمتطي السيارة...سارعت إلى الباب تفتحه و تأخذ مكانها إلى جانبه و ما إن فعلت ذلك حتى شغّل بدوره محرّك السيارة و إنطلق إلى وجهة غير معلومة...

إختارا الصمت عنوانا لمشوارهما غير المتوقع...صمت أخفى وراءه كلاما يوشك على الإنفجار... لامست يده المرتعشة من فرط التوتر بأنامل خجولة...خائفة من غضبه المتخفي وراء هذا الهدوء المصطنع...و لكنه لم يفعل سوى أن تمسك بتلك الأنامل كما يتمسّك الغريق بقشة ترسلها له الأقدار كي تنقذه من غرقه الوشيك... ظل الصمت سيد الموقف إلى أن وصلا بيدرا لم تزل سنابل الذرة الخضراء تملأ أرضه...

أوقف السيارة و أعاد الكرسي إلى الوراء و تمددّ واضعا يده على جبينه و غادرت أنفاسه صدره في شكل تنهيدة طويلة المدى... تنهيدة لا يمكن أن تصدر إلا عن من تعتمل في صدره هموم الدنيا مجتمعة... خالجتها فكرة سوداء من تلك الأفكار التي خالت أنها لن تزورها مجددا بعد أن زار النور حياتها المظلمة... خُيّل لها للحظة أنّ آسر سينفصل عنها بعد أن علِم أنّها كانت زوجة للرجل الذي تسبب في وفاة والده و شتاته ووالدته...كانت تعدّ نفسها لصفعة أخرى من صفعات القدر حين فاجأها بذراعيه تلتفان حول عنقها  ليحضنها حضنا إستثنائيا... حضنها و كأنه يعانقها بقلبه فتلامس روحه روحها علّ نزف قلبه يكفّ... دفن رأسه في خصلات شعرها البنية القصيرة...تشبّثت بتلابيب قميصه و كأنّها تخبره أنّها باقية...هاهنا... و إن غادره الجميع... لم تكن تعلم بعد هول الحقيقة التي إكتشفها و لكنها كانت تشعر أنّ خطبا قد أصابه في مقتل... حاول أن يستعيد رباطة جأشه حتى يستطيع أن يُسرّ لها بما يعتمِل في صدره... عاد كي يجلس في مقعده...

أشعل سيجارة يستجدي الكلام من حبات التبغ المختبئة داخلها... حاول أن ينظّم أفكاره المبعثرة في جملة مفيدة تفيد ما يود أن يشاركه إياه و لكنه عجز عن ذلك... كاد يجهش بكاء كي يترك الدمع يحكي عن ألمه... أراد أن ينهار... أجل أراد أن ينهار أمامها واضع كبرياء الرجل الشرقي جانبا...فمن حقه أن ينهار أمامها فهي جيشه الذي يعتدّ به في معاركه القادمة مع الحياة... هي حبيبته و شريكة حياته و أم أبنائه القادمين...كاد يتمالك نفسه معلنا إنهزامه أمام دهاء الأيام التي أظهرت له أن إنتماءه لأبيه مزيف حين قاطعه رنين هاتفه و كانت جميلة المتصلة...لم يرد مرة و إثنين و ثلاث...فإنتقل الرنين من هاتفه إلى هاتف ركين و قد كانت حليمة المتصلة هذه المرة... نظرت إليه و كأنّها تستأذن خلوتهما كي تردّ على الهاتف فأشار إليها إيجابا أن أجيبي... رفعت السماعة فجاءها صوت حليمة القلق المدّثر بالخوف قائلة " إذا كنت رفقة آسر فأحضريه و تعالي...هناك أمر مهمّ عليكما أن تعرفاه"...


يتبع

منال عبد الوهاب الأخضر
Saveركين #37