Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

ركين #36

manel-abdelwaheb-rakinManel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر

ما كانت جميلة تدرك حينها أنّها التي تولّت أمر كشف السرّ بنفسها...فقد كان آسر خلف الباب الذي خالته موصدا بإحكام...حتى أنّه تصمّر غير قادر على الحراك حين سمع ما سمعه... كيف للحياة أن تكون قاسية معه إلى هذا الحد؟؟...

كيف للعلاقات التي خال أنّها أصدق ما حدث معه أن تنكشف أمامه كمجرّد كذبة؟... هل سيستطيع تحمّل وقع الحقيقة التي عرفها للتو ؟ ... أن يكون إبنا لرجل غير أبيه نور الدين... بل أن يكون إبنا لعدوّه اللدود...طليق حبيبته...لا يستطيع حتى أن يستوعب أنّ ما سمعه حقيقي...

يظنّ أنّه في كابوس و سوف يستيقظ منه... أو لعلّه الغضب قد جعل تهيّؤاته تذهب به إلى أسوء الإحتمالات...وقف أمام الباب محتارا...هل يدخل الغرفة و يواجه أمّه أم يهرب من المكان علّه يفلت من الزمن الذي بدا و كأنّه توقّف في اللحظة التي تناهت فيها الحقيقة إلى مسامعه؟... و سرعان ما كان قراره عفويا فإستدار راجعا على أعقابه.... توجّه إلى سيارته...جلس خلف المقود... وضع المفتاح في مكانه و لكنّه عجز عن تشغيل المحرّك... عجز عن المغادرة... عجز حتى عن التحكّم في إرتعاش أطرافه... كان اللون الأسود مسيطرا على الأفق في نظره...شعور مخيف تملّك جوارحه...حتى أنّ الألم بدأ يعتصر معدته دون شفقة أو رحمة... تراجع بظهره إلى الوراء و رمى رأسه على أعلى المقعد و كأنّه يطلب مخرجا للراحة... أغمض عينيه و بدأت ذكريات الطفولة تتدفّق في ثنايا روحه المحترقة... تذكّر الحكايا التي كان والده، أو من خاله كذلك، يقصّها عليه بكلّ حب...

تذكّر إستراقه بضع رشفات من كأس الشاي الأحمر الخاص بأبيه لأنّ تلك الحركة البسيطة كانت تعمّق شعوره بأنّهما متشابهان... رفع رأسه و وجّه مرآة السيارة إلى وجهه و أخذ يتفرّس ملامحه بكلّ ريبة... هل يشبه والده؟ لم يسأل نفسه هكذا سؤال البتة... و لكنّه حقّا لا يشبهه... هذا ما لم يتفطّن إليه سابقا... وضع رأسه على المقود و كتم صرخة أخذت تصارع كي تغادر دواخله... كان في حالة من الضياع...حالة إغتراب كلّي حين سمع نقرا لطيفا على بلور نافذة السيارة... رفع نظره يستفسر عن الأمر و إذا بها ركين... آخر شخص تمنى رؤيته في هذا الوقت بالذات... هل يخبرها بالحقيقة التي عرفها لتوّه؟ هل يشاركها ألمه أم يتجاهلها و يمضي إلى مكان بعيد لا وجود فيه لأي من شخوص قصة حياته التعيسة؟... وجد نفسه على طرفي نقيض... فأيّهما سينتصر؟...

يتبع

منال عبد الوهاب الأخضر
Saveركين #36