Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

ركين #35

manel-abdelwaheb-rakinManel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر


تقدّمت جميلة في ثبات نحو رجب الذي كان في حالة أقرب إلى الإغماء منها إلى الصحو، نظرت إلى وجهه الذي كان يعبّر عن الضيق الذي يشعر به ثم أزاحت نظرها عنه ووجّهته إلى إبنها...خاطبته بهدوء و رصانة " أتركه يا بني...فأمثاله لا يستحقّ حتى غضبك..."... و في الحين تدخلت حليمة حتى تضع حدّا لما حدث و لما يمكن أن يحدث...

إتّجهت إلى الباب و فتحته على مصراعيه و أشارت بإبهامها إلى رجب أن أخرج... فما كان من هذا الأخير إلا أن خرج جارا وراءه برنسه الذي كان يتباهى به قبيل أن يرى ما رآه من إبن نور الدين الذي سرق منه طفولته...بعد أن غادر رجب، ساد الصمت المكان و لم تحمل الوجوه سوى البهتان... فقد نجح رجب في تدمير سعادة حليمة بعودة صديقتها و دُق أول مسمار في نعش علاقة ركين و آسر...

مسمار عنوانه الماضي اللعين بدأت سمومه تُبث في أفكار آسر الذي لم يتقّبل فكرة أن تكون حبيبته التي يروم أن تكون شريكة حياته و أمّ أطفاله هي الزوجة السابقة لأكثر رجل يمقته.... و لكن الحقيقة أنّ ما يفصل بينهما ليس فقط العداوة التي جمعت، و مازالت، بين أرملة نور الدين و إبنه و بين الطاغية رجب... بل هناك ما هو أكثر تعقيدا من الصورة البشعة التي يحملها آسر عن قرية كف الصبي و عن الرجل الذي أخذ من والده أرضه و حياته... هناك رابط الدم الخفي الذي يجمع بين الرجلين....رجل إغتصب طفولة ركين و ذاقت منه الأمرين و آخر ترى في عينيه أفقا جديدا لحياة لطالما تمنّتها...و بين هذا و ذاك كانت جميلة قابعة بين الحاضر و الماضي فكان قرارها نهائيا... لا مكان لركين في حياة آسر... حتى و إن إضطرّت للتخلي عن حلمها بالإنتقام من رجب... لا يمكن لإبنها أن يربط حياته بهذه الفتاة... لن تسمح بذلك مهما كلّفها الأمر...

مرّ وقت الغداء حثيثا على الجميع رغم محاولات حليمة اليائسة في بثّ البهجة في نفوس الجالسين إلى المائدة... كان آسر تائها بين الماضي الذي يذبحه و الحاضر الذي أصبح سعيدا في حضور ركين و المستقبل الذي لا يراه مكتملا دونها... إنفضّ الجميع عن مائدة الطعام و كان أوّل المغادرين هو... كان يهرب من عينيها و من الأسئلة التي كانت تطرحها نظراتها عليه... أمّا هي فقط توجّهت إلى ورشتها و إنغمست في تشكيل تحف فخارية من الطين و كأنّها تعيد مع تشكيلها تشكيل أفكارها و إستعادة توازنها الذي أفقدتها إياه المواجهة الصباحية بينها و بين رجب و آسر... في ذات الآن كانت جميلة قد إختلت بحليمة كي تحدّثها عن القرار الذي إتّخذته و لن تتراجع عنه...

دلفتا إلى غرفة الضيوف وبعد أن أحكمت جميلة إغلاق الباب، إستدارت تحدّث حليمة " أن تعلمين جيّدا أنّ إجتماع آسر و إبنة أخت زوجك أمر مستحيل...عليك أن تساعديني على منع إرتباطهما... أتمنّى أنّك تدركين خطورة الوضع و حساسيته يا حليمة.."... تراجعت حليمة إلى الوراء و تهاوت على أقرب أريكة... وضعت يديها على رأسها و أخذت تردّد بصوت تغلب عليه نبرة البكاء " كم هو سيء حظ هذه الفتاة... فقدت والدها ثم والدتها و كانت ضحية زواج بالإكراه و هي لم تزل طفلة و حتى عندما إبتسمت لها الحياة، سرعان ما عادت تكشّر عن أنيابها...فقد شاء القدر أن يكون آسر..." قاطعتها جميلة صارخة " أصمتي يا حليمة ، إياك أن تبوحي بالسر، إياك أن تخبري أحدا أن آسر هو إبن رجب"...



يتبع

منال عبد الوهاب الأخضر

Saveركين #35