Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

ركين #3

first-contact-woman-manManel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر


لطالما أزعجها تطفّل الآخرين عليها...و خاصّة أولائك الغرباء منهم...ما خطب هذا الرجل؟ كيف يجيز لنفسه الدخول في حديث جزافي معها؟...أخذت باقة الورد البنفسجيّ...هذا الذي يسمّى توليبا...إسم شدّ إنتباهها خاصّة بعد ما حدّثها هذا الغريب عنه...توقّفت هنيهة تحادث ذاتها... و كأنّ تطفّل هذا الشخص عليها قد راق لها...

تجاهلت إعجابها العجيب بهذا الرجل الذي لم تلمح وجهه بعد و همّت بالرحيل دون أن تلقي بالا لما قاله عنها مشبّها إيّاها، في غموضها ، بزهرة التوليب...كادت تتجاوزه في إتّجاه الجهة الأخرى من الشارع حين إستوقفها...أمسك بطرف رسغها برفق و قال " ألا تفقهين العربيّة ؟ ظننت عربيّة الأصل من ملامحك "... توقّفت و جذبت طرف يدها من بين أصابعه معترضة على ما فعله... وضعت يدها في خصرها و رمقته بنظرة حادّة ثمّ قالت " أفقه العربيّة جيّدا... لم أجبك حتى لا أكذّب ظنّك في كوني إمرأة غامضة، تلفّ نفسها بهالة من الأسرار تماما مثل زهرة التوليب"...


أبهرته إجابتها إلى الحدّ الذي جعله يصمت...لم يخطئ في تقديره إذن...هي ّ إمرأة جديرة بالإهتمام...جريئة...واثقة بنفسها...معتدّة جدّا بذاتها...ضحك ملئ شدقيه ردّا على مناورتها الذكيّة و قال " أوف أوف أوف...هل أزعجك وصفي لك بالغموض و الحال أنّك تبدين إمرأة تنحدر من سلالة محاربة...بل أنت كذلك....تحاربين في هذه الحياة... أم أننّي مخطئ؟ " ... ها قد نجح هذا الغريب في إنتزاع إبتسامة مشرقة من ثغر " ركين " الذي لم يعتد سهولة الإبتسام... و كأنّ تطفّله عليها ممتع ؟ و كأنّه رجل خفيف الظلّ؟...رفعت نظرها إليه ... تتفرّس تقاطيع وجهه...و كأنّها تتصفّح كتابا تقرأه للمرّة الألف...تبدو ملامحه مألوفة بالنسبة إليها...بشرته الحنطيّة...شعره الأسود الداكن...عيناه الزيتونيتان...رموشه الطويلة التي تغطّي أهدابه...قامته فارعة الطول....كلّ هذا يذكّرها بصورة كامنة في خيالها...ربّما هيّ صورة إرتأتها لبطل أحد الروايات التّي أدمنت قراءتها...ربّما هوّ شخص قد رأته صدفة...مرارا و تكرارا في مكان ما...كلّ ما في الأمر أنّه لا يبدو غريبا عنها البتّة... حكّت خدّها... إبتسمت في وجهه و هيّ تقول " و كأنّك مصرّ على كشف أغوار نفسي ؟ هل أبدو مثيرة للإنتباه إلى هذه الدرجة ؟ "... كان هوّ الآخر يجهل سرّ إنشداده إليها...لقد لمحها تترك رواق الفنون المخصّص للمعرض العالمي لفنّ الخزف...

وجد نفسه يتبع خطاها دون أن يدرك ذلك...هوّ ليس زير نساء و لم يعتد ملاحقتهنّ....غير أنّ خطبا ما بمجرّد أن لمحها...شدّه شعرها البندقيّ القصير...خصلاته الملولبة تشبه رمال الصحراء في عمق جمالها...بشرتها البيضاء و عيناها الواسعتان اللّتان تشعّان سحرا بلونهما العسليّ...ملامحها العربيّة ذكّرته بنوع آخر من الجمال..جمال غير مألوف في بلد مثل المكسيك... إسترجع أنفاسه المسلوبة من هول إنبهاره بها و أجاب ردّا على إستفهامها " كلّ ما في الأمر أننّي غريب يبحث عن شخص يشاطره غربته في بلد آسيوي بعيد كلّ البعد عن ثقافتنا و عاداتنا العربيّة...رأيتك عربيّة فأردت التعرّف عليك...هذا كلّ ما في الأمر...آسف على إزعاجك "... هل تعاملت معه بطريقة فظة حتى بات يعبّر لها عن أسفه؟... تلعثمت قليلا قبل أن تقول " ليس هناك من داع للأسف... أنا أيضا أشعر بالملل و بالحاجة إلى رفقة جيّدة... إسمي ركين...تشرّفت بمعرفتك "....

مدّ يده مصافحا إيّاها و معرّفا بنفسه " سررت بمعرفتك...إسمي آسر...مصوّر فوتوغافي محترف...مغترب في هذا البلد منذ سنتين...أحاول التأقلم مع المكان و لكنّي أعاني ألم الحنين إلى الوطن "...بادلته المصافحة و وقع إسمه مازال يرنّ في أذنيها...إسم غريب...جميل... أنيق...مغر... و كأنّ وجوده آسر؟ و كأنّ خطبا ما قد حلّ بها؟...تشعر و كأنّها تعرفه منذ بعيد الأمد...و كأنّه أضاعته و عثرت عليه مجدّدا....قد قرأت يوما ما عن قانون تخاطر الأرواح الذي يقول أنّنا نلتقي أوّلا كأرواح في عالم متعال قبل أن تسكن نفوسنا أجسادا تمكّننا من التحرّك على سطح الأرض...فما إن نلتقي بشخص و نستشعرإنجذابا غير مفهوم إليه يكون هذا اللقاء قد تمّ سابقا في عالم الأرواح ... أتراها إلتقت روحه في عالم آخر ؟...



منال عبد الوهاب الأخضر

Saveركين #3