Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
ركين #30
كان في عناقهما ممرّ نحو راحة و طمأنينة لم يعرفها كلاهما طوال السنوات الماضية.... و كأنّ روحيهما طوّاقتان لمثل هذه اللحظة منذ بعيد الأمد...أخذها. هذا العناق إلى عالم ما إعتادت أن ترتاده...
كانت نظراته إليها كفيلة بقول كلّ شيء ... لم يكن في حاجة إلى عبارات الغزل التقليدية كي يعبّر لها عن ما يكنًه من مشاعر جعلته يرى الحياة من منظور مختلف تماما عن ذي قبل...مرّت أسابيع توطّدت خلالها العلاقة بينهما و كان كلّ منهما يشدّ أزر الآخر... لقد كان حبّها له يساعده على مواجهة ألمه المكتوم و مقاومة نزف الذكريات السوداء المرتبطة بالمكان الذي أصبح يتردّد عليه كثيرا، ليس من أجلها فقط و إنما من أجل الخالة حليمة و الصغيرة أمل....
حتى أنّ وجوده إلى جانبها يدفعها إلى التشبّث أكثر فأكثر بالحياة و بإستكمال مشروع المدرسة الذي كان بالنسبة إليها سعادة تتحقّق على مهل...كانت كلّ الأمور على ما يرام خاصة و أنّ الإشراقة أصبحت تعلو وجه أمل التي وجدت في ركين و آسر العائلة التي فقدتها... و كأنّ القدر يقدّم ترضية لكلّ منهم بعد الحرمان الذي عانوه.... و كأنّ الحياة إختارت أن تكون عادلة معهم أخيرا...رغم ذلك كان هناك صوت خفيّ يتردّد في أعماقها معلنا أنّ ما يحدث معها لا يعدو أن يكون سعادة عارضة....هدنة أعلنها القدر مؤقتا لأنّه يخفي في جعبته مفاجأة من العيار الثقيل ... مفاجأة ستقلب حياة الجميع رأسا على عقب ...
و لا شكّ أنّ هذه المفاجأة متعلّقة برجب الذي مكّنه محاميه الفذ من عقوبة لا تتعدّى الستة أشهر بعد أن إعتدى بالعنف الشديد على طليقته ركين... و ها قد مضت مدّة العقوبة و حان وقت إطلاق سراحه المشروط بمحلّ إقامته... و قد كان يتوعّد الخزّافة، كما يروم تسميتها، بإنتقام لا يمكن لها حتى أن تتوقّعه... فهي شأنها شأن كلّ النساء... شأنها شأن حبيبته السابقة جميلة... تستغلً جمالها للإيقاع بالأثرياء من الرجال في شرك هواها، لقد أغوته مذ كانت صغيرة ذات ستة عشر ربيعا...رآها في باحة منزل خالها محمود الذي كان صديقه المقرب...كانت تجلس على أحد المقاعد الجبسية في مسكينة تقرأ كتابا في هدوء...و كان ذاك الكتاب أول ما شدّ إنتباهه إليها و هو الذي لم ير في حياته إمرأة تقرأ... أغوته بشعرها الطويل الكستنائي المائل إلى البندقي و عيناها العسليتين الواسعتين...رأى فيها ما يمكن أن يملكه بل أن يستعبده بماله و ما رفض خالها الذي، كان يسعى جاهدا إلى التخلّص من مسؤوليتها، عرضه للزواج منها و هي التي لم تزل قاصرا...بل طفلة...لكن تلك الشقية نجحت في كسر قيوده و هربت منه و جعلته محطّ سخرية رجال القرية ووجهائها و ها قد آن الأوان كي يقتصّ منها...ببساطة لقد جرّها قدرها الأسود مجدّدا إلى المصيدة....مصيدته هو...رجب الذي لا يمكن لإمرأة أن تسخر منه و تفلت من القصاص...لقد الإنتقام هاجسه و كرهه للنساء ما يوجّه سلوكه دون أن يدرك أنّه في طريقه إلى أكبر سرّ في حياته...
Website Design Brisbane