Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

ركين #15

roman-novel-love-amourManel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر


كانت تستعدّ لللّقاء الصحفي ،الذي ستتحدّث فيه دراستها الجامعية و نجاحها في فنّ الخزف الذي يعكس شخصيتها المستقلّة، حين أقبل عليها بقامته الطويلة و أهدابه السوداء التي تجمّدت فوق جفنيه ما إن رآها... هذا آخر ما كان يتوقّعه...أن يراها هنا...

لقد كان يظنّ أنّها تقيم خارج تونس... حتى لو أخبره أحدهم أنّ القدر سينظّم لقاءهما مرّة أخرى و في هذا المكان بالذات ما كان ليصدّق ... ما كان ليتخيّل حجم الإرتباك الذي يشعر به الآن... في حضرتها...لقد عرف منذ البداية أنّ إمرأة مثلها لا يمكن أن تكون إمرأة عابرة في حياة أي رجل... إنّها م النساء اللّواتي تسكنّ العقل قبل الفؤاد... وجودها المؤثّر و حضورها الكاريزماتي الطاغي يدفع أيّ رجل إلى السعي إلى ودّها و التقرّب منها بغية إكتشاف أدقّ تفاصيلها... هاهي أمامه...إمرأة التوليب كما تحلو له تسميتها...


إنّها تجلس بكلّ أناقة... تنظر إلى الصحفية التي تجري معها اللّقاء بكلّ ثقة بالنفس ... تجلس على مقعدها كما تعتلي الملكة عرشها... لم يتمنّى في حياته شيئا أكثر من تمنّيه القرب منها... يشعر أنّها إمرأة  إستثنائية... بعينيها لغز محيّر يودّ حلّه... و لكن... هوّ أيضا ليس رجلا سهل المنال... كما أنّه لم يتخلّص بعد من إستيائه من تجاهلها دعوته في مكسيكو... بيد أنّ إستياءه منها لم يمنع دقّات قلبه من التسارع و نبضه من الخفقان حين أصبح قبالتها... لقد كانت في تركيز تام ، و هي تنتقي أجوبة ذكيّة عن الأسئلة التي توجّهها لها الصحفيّة ، حين شعرت بذبذبات غريبة تغزو جسدها... هيّ شبيهة بصعفة خفيفة من التيار الكهربائي...
رفعت نظرها قليلا فإذ به يقف بالقرب منها... هيّ لا تتخيّل بل هوّ موجود فعلا... إنّه هوّ ذاته... ذاك الرجل الذي تجاهلها بالأمس و أنكر حتى أنّه يعرفها... إذن، ها أنّهما يجتمعان صدفة مجدّدا....لابدّ أنّ المصوّر الذي إختارته الجمعيّة كي يمثّلها في المسابقة العالميّة للتصوير الفوتوغرافي... ستعامله كما يستحقّ أن يعامل... ستتجاهله كما فعل معها و لن تغفر له إهانته لأنوثتها و إسداله الستار على غرورها و أنفتها... لكنّها لا تستطيع أن تنكر عمق تأثرها بلقياه...
تأثر يفاجئها هي ذاتها... رغم ذلك فهيّ لا تملك سوى أن تتماسك أوّلا بينها و بين نفسها حتى تلعب دور التجاهل بحنكة أمامه... حاولت أن لا تنظر في وجهه و لكن الصحفيّة باغتتهاو هي تعرّفهما ببعضهما قائلة : " آنسة ركين ، دعيني أعرّفك على السيّد آسر عبد الرحمان.... إنّه مصوّرنا الفوتوغرافي... هوّ من سيلتقط صورك التي سنشارك بها تحت إسم جمعيتنا في المسابقة العالمية " ... أمسكت أطراف أنامل يمناها بيسراها في حركة ناعمة... قريبة جدّا من القلب...

تنّم عن رقيّها و إتقانها الإتيكيت و هوّ مازاد إنشداده إليها...رفعت بصرها نحوه و إبتسمت برصانة و رسميّة ثمّ قالت " تشرّفت بمعرفتك سيّد آسر... أتمنّى أن ننتج معا عملا مميّزا يرتقي إلى مستوى إنتظارات الجمعية و يليق بالمسابقة العالمية "... هكذا إذن...يبدو أنّها ستلعب معه لعبة التجاهل التي وضع هوّ أسسها...علت شفتاه إبتسامة جانبيةتجمع بين الحنق و الغضب من جهة ة الحماس و الإعجاب من جهة أخرى....إعجاب قويّ جدّا إلى الدرجة التي تجعل أنفاسه تضيق و أطرافه ترتعش و هوّ يراها أمامه... تتحدّاه بنظرتها الحادّة و عنفوانها الذي يبدو أنّه لا يهزم... سوف يرى إلى أين سيقودهما هذا التحدّي العنيد....



يتبع

منال عبد الوهاب الأخضر

Saveركين #15