توقّفت السيارة أمام منزل حليمة...تردّدا في النزول...هو يخشى النظر في عيني أمّه بعد الحقيقة الصادمة التي سمعها على حين غرّة فقلبت موازين حياته و زلزت كيانه بعد أن إكتشف أنّه مزيّف من رأسه حتى أخمس قدميه...و هي تخشى ما يخفيه وراء توتره الذي، رغم إجتهاده في التخلّص منه ، تراه عاجزا عن ذلك... دلفا غرفة الضيوف فإستقبلتهما حليمة بإبتسامة ذابلة تكاد تكون منعدمة في حين كان جميلة مكفهرّة الوجه...تعلو جبينها غبرة ألم و قلق مبهمين...
مجهولي الأسباب، على الأقل بالنسبة لركين...ربّتت على المكان الفارغ جانبها على الأريكة... و دون أن ترفع رأسها، نادته مشيرة إليه بالجلوس... شدّ أصابعه في شكل قبضة حتى يجبر نفسه على التصرف على نحو طبيعي... تقدّم نحو الأريكة بتباطئ كما يتباطئ المحكوم بالإعدام في السير نحو المصقلة...إتخّذت ركين مكانها جانب خالتها حليمة و قد تسارعت دقات قلبها المنقبض...ساد الصمت في المكان...هدوء مُقلِق... بل هو ذاك الهدوء الذي يسبق هبوب العاصفة...