Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
ركين #34
آخر ما كان ينتظره رجب أن يواجه اليوم ضغينة زرعها سوء أفعاله في ذاك الطفل...قبل إثنتي عشرة سنة... لم و لن ينسى شرارة الغضب التي إرتسمت في نظرات إبن نور الدين الذي أطاح بكرامته إلى الأرض بعد أن إفتكّ منه أرضه... مورد رزقه الوحيد...و إذ بشرارة الغضب تلك تتجسّد أمامه فعليا اليوم...
فالطفل المكلوم أصبح رجلا فارع الطول قوي البنيان أسقطه متهاويا بلكمة واحدة... بل أكثر من ذلك...يبدو أنّ إبن نور الدين هو ذاته حبيب ركين الذي يتحدّث عنه أهل قرية كفّ الصبي... نفض عن ملابسه الغبار و إستوى بقامته واقفا و أمعن النظر في ركين التي كانت متصلّبة الملامح بعد ما حدث...
إبتسم إبتسامة تميل إلى السخرية و خاطبها قائلا " ما بال زوجتي العزيزة صامتة؟ هل خفت عليّ؟ هوّني عليك فأنا بخير رغم قوّة لكمة إبن نور الدين...".... و قبل أن تتدارك ركين أمرها و تدرك إجابة مناسبة على تراهات هذا المسخ، هجم عليه آسر و لفّ يديه حول عنقه و جذبه نحو الباب آمرا إياه بالخروج... و قبل أن يصل به إلى الباب... إنفرج هذا الأخير لتظهر حليمة و يرفقتها ضيفتها جميلة...لقد طال غياب آسر و ركين فقرّرتا اللحاق بهما و إذ برجب هو سبب تأخرهما...ما إن فُتح الباب و تراءى لهما المشهد المفاجئ، حتى سارعت حليمة نحو ركين محاولة أن تُخرجها من حالة الذهول التي أصابتها... أما جميلة فقد بقيت جامدة في مكانها و لم تفعل أكثر من الإشارة إلى آسر بعينيها حتى يفكّ عقال رجب من قبضة يديه فما كان منه إلاّ أن إمتثل إلى أوامرها ، و إن كان ، على مضض...
ساد صمت قاتل في المكان و لم تتخلّله سوى النظرات... نظرات غضب من آسر تجاه رجب و لوم تجاه ركين... و نظرات خوف من ركين تجاه كليهما...أما جميلة فقد حملت نظراتها مزيجا من الغضب و المرارة و التحدي... و كأنّها تعلن لرجب، الذي قهرها قبل عدّة سنوات، أنّها عادت و لكنها ليست وحيدة بل برفقة إبنها الذي لم يتمكّن هو من إنجابه رغم زيجاته المتكرّرة... و هي ليست ضعيفة كما عهدها من قبل... بل هي قوية و أقوى مما يظنّ بكثير...و رغم ذلك، لم تخل نظراتها من القلق... جلّ ما يقلقها أن يؤدي ما سيحدث في الأيام القادمة إلى إنكشاف السرّ الذي صارعت طيلة حياتها حتى يبقى محفوظا...
Website Design Brisbane