أقف الآن على عتبة مقبرة الذاكرة، أحاول أن أنبِش ما تبقى من ترسبات علقت في ذهني من حياتي السابقة و لكني لا أتذكّر شيئا... قد يبدو الأمر و كأنني فقدت الذاكرة و لكن الأمر أعمق من ذلك بكثير... أنا ميّتة... أجل... لقد غادرت الحياة و لكن ليس نحو العدم بل نحو بعد آخر من أبعاد الوجود... لست حزينة و لكن فقدان صلتي بذكرياتي يقلقني... أشعر و كأنني حاضر دون ماض و الحال أن الأمر لا يستقيم ... أشعر
و كأنني رضيع حديث الولادة و لكنني في الحقيقة لست كذلك ... ربما لا أريد العودة إلى الوراء بيد أنني في حاجة إلى عبق الذكرى فرائحة الموت مازالت عالقة في أنفي...أحتاج على الأقل أن أشعر ببقايا الحياة التي عشتها في إنتظار وصول القطار الذي سيحملني بعيدا...لقد أخبرني الشيخ ذو اللحية البيضاء أن قطارا ما سيقلني إلى المكان الذي سأقيم فيه من الآن فصاعدا... أخبرني أيضا أنني لن أكون في حاجة إلى إقتطاع تذكرة سفر و أن السائق سيتوقف بمجرد رؤيتي... لقد أشار الشيخ الغريب الأنيق كذلك إلى أنني في غنى حتى عن إسم يميزني عن البقية... فأنا منذ اللحظة الراهنة "حواء"... " حواء" و حسب...