Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
طيف حبيبها
Manel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
كان شخصا غامضا تراه كلّ يوم دون أن تعرف إسمه أو تسمع صوته أو حتّى إرتداد أنفاسه. كان كما الطيف حلو الملامح ...هذا الطيف...هذا الشبح أسرها بسحر غموضه و بقوّة حضوره الصامت. كانت تروم الوحدة في إنتظار حبيب أسطوري ينتشلها من هذا الواقع الذي تكره وجودها فيه....كانت تروم إنتظار رجل يحتويها بجميع حماقاتها و عاداتها السيّئة ....كانت تبحث عنه كما تبحث الفراشة عن ركن مضيئ تنظوي تحته....
ّكانت في تلك الأمسية التي لا تنسى تجلس في شرفة غرفتها و هيّ تقرأ رواية لحنّا مينا تحمل عنوان "عروس الموجة السوداء"، لمحته يمرّ تحت شرفتها و ألقت القبض عليه و هوّ يسترق النظر إليها .....بعث فيها بنظراته تلك ما شاء من المشاعر دون أن يتكلّم و لكنّها تذكرّت أنّ نظرات الطيف لا يمكن إلاّ أن تكون أطياف نظرات و رغم وعيها بهذه الحقيقة ، قرّرت أن تستمتع بهذه المشاعر التي تمدّها بها " أطياف النظرات " هذه...فهيّ تؤمن على عكس البقية أنّ الوهم الجميل أفضل بكثير من الحقيقة المرّة...هيّ هكذا كما يقول جبران" شاعر ينثر ما تنظمه الحياة و ينظم ماتنثره ".
عندما إنتهت من تأملاّتها لم يكن لشبح حبيبها وجود سوى بين سطور حنّا مينا ....أخذت نفسا عميقا و أرادت أن تترك كرسيّها الكائن في الشرفة و لكنّها لم تستطع ذلك...و فجأة أصبح طيف حبيبها حقيقة ...أصبحت تراه بوضوح و هوّ يجثو على ركبتيه أمامها ...تأمّلت وجهه فوجدته دامع العينين ..لا بل كان يبكي ...إنّه يبكيها...و لكن لماذا ؟ ما خطبه ؟ حاولت أن تمدّ ذراعيها نحوه و لكنّها عجزت عن ذلك ...حاولت النهوض عن كرسيّها و لكنّ قوّة شبيهة بالرعد العنيف أجلستها ثانية ....إرتطم رأسها بشيء ما....تذكّرت حينها أنّها ميّتة...إنهّا الشبح و ليس حبيبها ...إنهّا الميّتة و حبيبها كان يرثيها....ما أصعب أن تستوعب هذه الحقيقة المرّة...و لكنّ عزاءها و سلواها هوّ أن حبيبها لم ينساها و لازال يزور قبرها كلّ يوم .....ربّما لأنها قدره كما كان هوّ قدرها ...
Website Design Brisbane