Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

من مذكرات طبيبة نفسية

paix-interieure-spiritualiteSihem Hedi - سهام هادي

دخلت غرفة العلاج النفسي لتسأل طبيبتها  عن سبب وحدتها و إبتعاد الناس عليها فقد شكت في أنّ بها عيبٌ هي تجهله جعل كل من حولها يبتعد عنها مهما طال زمن العلاقة و مهما كان نوعها

فطلبت منها طبيبتها أن تسترخي على كرسي طويل مريح كسرير و سألتها "كيف تقضين ليلتك؟ "

قالت: _أقضي ليلتي...

قاطعتها: إغمصي عينيك و تخيلي نفسك في غرفتك ليلاً ككل ليلة و قررتي أن تكتبي لي كما تكتبين مذكراتك و لكن لسانك من سيكتب و قلبي هو الورقة

فنفذت ما طُلِبَ منها ثم قالت :

أقرأ كثيراً و أكتب أكثر فأراقب عقارب الساعة...

لم يحن الوقت بعد!

أستمع لإذاعة القرآن الكريم، أقرأ وِرْدِي اليومي...

إنه منتصف الليل الآن.

لقد حلت ساعة الإستجابة.

أفرش سجادة صلاتي، أرفع الكفين تكبيراً للّه عزّ وجلّ،أقرأ الفاتحة فما تيسر من القرآن الكريم فأركع لربي مسبحةً بعظمته و أرفع ظهري باللّه أكبر ثم أسجد...

أسجد لمن لا يَصُحُ السجود إلا له، أسبحه بسبحان ربيَّ الأعلى ثم أتمتم لربي بكلمات لا يفقهها إلا هو، لا يسمعها سواه و لا يشاركني فيها إلا هو،  حتى تلك الأماني و الأحاديث المكتظة بصدري و الأوجاع التي لا قدرة لي على البوح بها و لا على تحويلها لكلمات ولا حتى ترتيبها أختزلها في "يا اللّه،   يا اللّه،  يا اللّه  " فأطمئن و أشعر بأن يد الرحمان سبحانه وتعالى قد مسحت على قلبي بكل كرمٍ و رحمةٍ فيصمتْ كلَّ ما فيَّ حينها إلا دمعتين تصافحان الأرض شكراً و إمتناناً و حباً و رضاءًا على ربي و إليه تبارك وتعالى...

فَمَنْ لم يسعدْ بلحظة خُضُوعٍ و ذُلٍ بين يدَيْ ربه قد حُرِمَ حرماناً لا مثيل له...

فاللهم إِرْحَمْنَا و لا تَحْرِمْنَا يا رب...

في تلك اللحظة أستشعر قُرْبِي من رَبِي سبحانه وتعالى و أستشعر الآية الكريمة التي تقول

بسم الله الرحمان الرحيم

~~أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُ القُلوب ~~

فأطْمَئِنُ ثم َّ أذكر

بسم الله الرحمان الرحيم

~~أُسْجِدْ و إِقْتَرِبْ~~

فأفهمُ أنَّ عظمة القرب من الله تكون في السجود فيدق حديث الرسول الكريم صلّ اللّه عليه وسلّم قلبي

"أقربَ ما يَكون العبد ُ لربهِ و هو ساجدٌ "

فأتمنى أن لا أقوم من سجدتي إلا و قد فاضت روحي لخالقها، أزْهدُ في الدنيا و ما فيها و أتمنى تلك اللحظة آخر لحظاتي و أظلُ أذكر اللّه في قلبي كثيراً و لساني يقول  "يا اللّه،   يا اللّه،  يا
اللّه  " إلى أن تَثْقُلَ كل أطرافي و أصبح غير قادرة على السجود أكثر فأجلس بين السجدتين مُكَبِرَةً ثمّ أعيد السجود..  

أظل هكذا مع ربي بمشاعر لا تفسير لها...

فقلبي قد أحبَّ اللّه حباً هَوَنَ عليّه كل شيءٍ، كل وجعٍ،  ألمٍ،  خيبةٍ،  خذلانٍ، فراقٍ، كذبٍ، خداعٍ، نفاقٍ، بكاءٍ، إدعاءٍ...  كل شيء، كل شيء


أسعد بهذا و يسعد قلبي كثيراً فأخاف النفاق و الكذب فأختم لقاءِ مع ربي بوضع يدي اليمنى على قلبي قبل أن أسلم و أخرج من الصلاة قائلة

" اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك

اللهم إنك عفو تحب العفو فٱعفو عني و عن والدي و عن جميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم و الأموات

اللهم إني أعوذ بك من الرياء و صلّ اللّهم و سلّم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه آجمعين عدد ما كان و عدد ما يكون، عدد الحركات و عدد السكون "

و أسلم يميناً و شمالا و أخذ من مضجعي متكئاً و أنام و حال لساني يذكر الله إلى أن يرن جرس هاتفي قبل الفجر بنصف ساعة فأعيد اللقاء مع خالقي و ما إن تشرق الشمس حتى أجهز
نفسي و أتجه إلى عملي...

""
فتحت عينيها جلست فإذا بطبيبتها تبكي فنظرت لها و قالت : ما الأمر يا سيدتي ... أحالتي صعبة حتى البكاء ؟؟


فٱقتربت منها و حضنتها و قبلت رأسها و قالت لها :

"أنتِ لست في حاجة لي فمعك من يغنيك عني و عن جميع الخلق و ما هذه الوحدة إلا رحمة من اللّه لك و أنا على يقين أنه سيجازيك خير جزاء ... ثقِ به و واصلِ لقاءاتكِ مع الله و أخبريه

بكل ما في قلبكِ فأنا أضعف من أن أشفيكِ أما هو سبحانه سيبهرك و يدهشك بعطائه "

سهام هادي
من مذكرات طبيبة نفسية