Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

مروضة تروض نفسها #2

aicha-ben-salah-romanAïcha Ben Salah - عائشة بن صالح


بدأت العمل في مؤسسة حكومية... سأحكي تجربتي و ارجو من أي عامل في قطاع الطفولة ألا يغضب مني.. اني صريحة حد الوقاحة أحيانا

المهم

انه اليوم الاول في العمل و المفروض اننا نعمل مع الأطفال لكن لا أطفال.... يأتي عدد قليل منهم في آخر الأسبوع و في العطل...

تعبت جدا خلال أشهري الأولى

كنت أفكر أين الأطفال لماذا درست اربعة سنوات لماذا حشوا أدمغتنا بكل تلك النظريات  ...علم نفس و علم اجتماع و مسرح و اعلامية و اشغال و.. و...  و... و لا أطفال

كانت لدي زميلتان مسنتان و قديمتان في القطاع تحضران قرطاسا من "القليبات" و تمضين الثلاث ساعات في النميمة

و الويل كل الويل للأطفال ان أزعجوهما ..كانت واحدة منهن تنسى أن هذا المكان بني من أجل الأطفال و أنها وظفت هناك من أجلهم.. فتنهض متثاقلة و تصيح فيهم

شنية ها الحس.. ياخي ما نجموش نحكوا كلمتين في راحتنا... هيا أخرجوا عليا.

فيخرجون و أبقى انا و دهشتي

المهم كنت بلا خبرة و أتخبط كثيرا و أشعر بالاحباط

كنت أحضر اجتماعات للعاملين في هذا القطاع فأسمع جعجعة و لا أرى طحينا

أحسست ان هناك خطأ ما.. ليس في مجال عملي فقط

بل في جميع المجالات في هذا الوطن

كنت أنتقل كثيرا باحثة عن ذاتي... أنتقل علّي اجد مكانا يشعرني بقيمتي و كنت ارى زملائي يتحدثون و يتحدثون كانوا مثلي يشعرون أنهم بلا قيمة في هذا الوطن.

نتعلم في الجامعة أن مستقبل البلاد بيد أطفالها و نحن من  سنربي أطفالا أسوياء فاعلين

لكن عندما نذهب للعمل ينادوننا بلقب مروض و مروضة و يظن أغلب الأولياء أننا لم نتحصل حتى على شهادة البكالوريا

عندما نذهب للعمل نلتقي بنوع من الأولياء" و ما أكثرهم "يظن أنه يأخذ ابنه للعب فقط و اضاعة الوقت و أنه لا فائدة ترجى من ذلك المكان و لا فائدة ترجى من أولئك " المروضين"

لذلك يمنعون أطفالهم من النشاط في أيام المدرسة اذ يجب على طفله الدراسة بجهد كي يتفوق على ابن عمه و ابن جاره و يربح المنافسة كأنه في مضمار سباق

الطفل في نادي الأطفال يتعلم أيضا اشياء مفيدة لكن في عقل بعض الأولياء لا يهم التعلم الذي لن يجعل ابنه يربح المنافسة و يحصل على الامتياز

يجب ان تتفاخر الام بأعداد ابنها أو ابنتها

اذن لا وقت لعلم لن يجعل طفلها في المراتب الأولى في قسمه

خلال بعض السنوات في هذا العمل كنت ألاحظ ما يحدث و أستنتج مستقبل هذا الوطن

في مؤسسة للطفولة بها خمسة مربين مثلا تجد واحد او اثنان يعملان بجهد و البقية اما يتحدثون عن بطولاتهم و اما يأخذون حمام شمس

أظن ان هذا ما يحدث في جل مؤسسات الدولة العمومية

لكن في قطاع الطفولة أولئك الكسالى يحسنون الكلمات الرنانة و التملق و ان عملوا يوما يملؤون صفحتهم على الفايسبوك بالصور كدليل على نشاطهم و تضحيتهم في سبيل القطاع ثم تجد من يذكرهم على أنهم المناضلون
للنهوض بهذا القطاع المهمش

هذا القطاع الذي لن ينهض ببعض الصور و المهرجانات و التظاهرات السخيفة

هذا القطاع الذي سينهض عندما تثبت أن الطفل الذي يذهب الى مؤسسات الطفولة أقوم سلوكا و أكثر علما و ابداعا من ذلك الذي لا يذهب اليها

هذا القطاع الذي سينهض عندما يخرج من الظل و يعرف الجميع من هم المربون و ماهو تكوينهم و ماذا يفعلون

كم عانيت و أنا أفسر، لكل من يسألني عن وظيفتي، ماذا أعمل

أنا أستاذة مربية

و ان كنت تظن أن طفلك حيوان صغير بحاجة للترويض نادني مروضة

يتبع

عائشة بن صالح

مروضة تروض نفسها #2