Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

غربة قاصر

love-abroad-aloneSihem Hedi - سهام هادي

طرقت الباب و هي ترتجف لا تعرف ماذا ستقول.

بالنسبة لها القدوم إلى مكان كهذا و مواجهة الحقيقة بعد سنوات عديدة ليس بالأمر الهين , لقد مضى الكثير من حياتها و هي تنظر لهذا المنزل من بعيد و حال نفسها يقول سأكون فيك قاطنة يوما لا عابرة و لا زائرة.

لم تطرق الباب أكثر من دقات خفيفة ثلاث ثمّ تسمرت في مكانها منتظرة و هاهي تسمع خطوات مستعجلة تنطلق نحوها , فُتِح الباب بسرعة و إذ بها أمام إمرأة أربعينية جميلة الملامح رغم السواد المحيط بعينيها في يدها ملعقة كبيرة و في اليدّ الأخرى منديل أحمر اللون يعلنان انشغالها بإعداد الطعام في المنزل و آه كم اشتهت طعاما كهذا.

نظرت إليها المرأة دون انتباه لتفاصيلها و لعينيها الّتي تتأملها بعشق , بشوق و لهفة و قالت

أهلا  من أنتِ؟ و ماذا تريدين؟

ردّت الأخرى في تردد و بصوت خافت

أنا ... أنا...

و فجأة تعال الصراخ

أمّي أمّي أين حذائي الجديد لم أجده


فأسرعت تلك الأمّ نحو ابنتها و تركت تلك المسكينة أمام الباب دون أي مراعاة

ابتسمت و قالت : لا بأس  هي مشاغل الحياة في فرصة قادمة إن شاء اللّه...

و همت بالذهاب بخطى متأنيّة نحو باب الحديقة و لكن سمعت صوتا يقول:


ابنتي ابنتي انتظري قليلا أرجوكِ


ارتبكت , فرحت , انشرح صدرها و بشائر الخير للحظات سكنتها و حال نفسها يقول "لقد تعرفت إليّ بالأخير أنا ابنتها البكر و الدمّ يجذب الأهل لبعضهم البعض"


التفت إلى الخلف و بدأت بفتح ذراعيها لحضن لطالما تمناه قلبها و حلمت به ليلا  نهارا


و ما إن أمعنت النظر حتى رأت فتاة جميلة شابة غاضبة لا مبالية تجري و أمّها وراءها تتوسلها أن تنتظر لتأكل شيئا ما قبل خروجها و لكنها لا تبالي بها و لا تهتم


أنزلت ذراعيها, غابت الابتسامة , انغرس في صميم القلب خنجر خيبة جديدة و غصبا عنها أعلنت دموعها هزيمتها

لكنّها أنقذت الموقف بالهرب إذ استدارت و غادرت مسرعة قُبَيْلَ أن تلمحها عيون إمرأة تخلت عنها ربما و ربما سُرقتْ منها منذ ولادتها... إمرأة بيولوجيا تُعدُّ أمّها....

سهام هادي
غربة قاصر