Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
حكايات أيهم #2 - الجزء 1
Sihem Hannachi - سهام الحناشي
عاد متأخرا ككل ليلة... مخمورا يمشي متعثر الخطوات، بعناء شديد وصل غرفة النوم... إرتمى على السرير و استسلم لنوم عميق... إقتربت منه بهدوء... جلست على حافة السرير بجانبه... رحت أبحث في ملامحه عن الرجل الذي أحببت... مددت يدي نحوه و مررت أصابعي على وجهه...إشتقت هدوء تفاصيله... إشتقت نبرة صوته الهادئة... إشتقت شعورا بالأمان إرتبطت به نظرة عيناه... عادت بي ذاكرتي إلى طفولتنا التي قضيناها سويا...
أيهم إبن عمتي وصديق طفولتي الوحيد قبل أن يصبح فيما بعد زوجي...
كان يكبرني بعشر سنوات... كان غدي...لم أخشى الغد و أنا برفقته... تزوجنا أخيرا بعد أن أكملت دراستي بالجامعة و حصل هو على وظيفة أحلامه ببنك... كان يحب عمله جدا و قد تعب كثيرا لنيل منصبه.
أصبحت لاجله ربة بيت بامتياز... لم تشغلني فكرة البحث عن وظيفة، لم يشغلني سوى الطبخ و الجلي وشؤون المنزل قبل عودة أيهم من عمله. ..كنا سعيدين...كانت حياتنا جميلة لشدة بساطتها... كنا نتشارك كل شيئ... لم يمنعه تعبه آخر النهار يوما أن يقرأ لي كل ليلة... أحب صوته و أسلوب قرائته... أحب ملامح وجهه التي تحكي الأحداث و تصف الشخصيات... أحب نكته و ضحكته تسحرني كأول يوم إكتشفت حبه بداخلي... في نهاية الأسبوع يغلق كل منا هاتفه لننعزل عن العالم...فوشار ، فلم و دفئه كان كل ما أحتاجه لتعويض إنشغاله كامل الأسبوع...
لكن الأمور لم تبقى على حالها بمرور سنة على زواجنا... فحص طبي و نتيجة حكمت اننا لن نكون والدين أبدا... لا يستطيع أيهم الإنجاب... لم يكن إكتفائي به عن سواه سببا كافيا له للبقاء...إنفصل عني و غادر منزلنا...في ذات المدة التي تلقينا فيها خبر إستحالة الإنجاب،ضربت الأزمة الإقتصادية البنك الذي يعمل به أيهم ليغلق أبوابه و يكتمل مشهد حياتنا التراجيدي... ساءت حالته أكثر فأكثر... إنقطع عني و عن عائلته و عن الحياة بأكملها..وجد في الكحول مهربه الوحيد... حاولت رؤيته آلاف المرات و كنت أقابل بالرفض في كل مرة.
حتى ذلك اليوم الذي تلقيت فيه إتصالا من مركز الشرطة..."زوجك يقود السيارة في حالة سكر و كاد أن يتسبب في إصابة أحد المارة..." دفعت الكفالة و عدت به إلى منزلنا...مرت أيام صعبة... كنت ألمح ذبول زوجي و كنت عاجزة على مساعدته...صارت الكحول جليسته الوحيدة....خسر نصف وزنه...شحبت ملامحه... صار عنيفا لا يقبل حديثا و لا نصيحة...
تأملته للحظات... قبلت جبينه... حملت حقيبتي و تركت بجانبه ورقة كتب عليها... "انا بإنتظار أيهمي القديم في منزل والدي... عد إلي أرجوك"
سهام الحناشي
Website Design Brisbane