عاد متأخرا ككل ليلة... مخمورا يمشي متعثر الخطوات، بعناء شديد وصل غرفة النوم... إرتمى على السرير و استسلم لنوم عميق... إقتربت منه بهدوء... جلست على حافة السرير بجانبه... رحت أبحث في ملامحه عن الرجل الذي أحببت... مددت يدي نحوه و مررت أصابعي على وجهه...إشتقت هدوء تفاصيله... إشتقت نبرة صوته الهادئة... إشتقت شعورا بالأمان إرتبطت به نظرة عيناه... عادت بي ذاكرتي إلى طفولتنا التي قضيناها سويا...

أيهم إبن عمتي وصديق طفولتي الوحيد قبل أن يصبح فيما بعد زوجي...

كان يكبرني بعشر سنوات... كان غدي...لم أخشى الغد و أنا برفقته... تزوجنا أخيرا بعد أن أكملت دراستي بالجامعة و حصل هو على وظيفة أحلامه ببنك... كان يحب عمله جدا و قد تعب كثيرا لنيل منصبه.

هذا أيهم...معجزتي الصغيرة...أنجبت أيهم بعد عشرة سنوات من الزواج...بعد أن أجزم أطباء البلاد أنني لن أنجب...أنجبته بعد كثير من الدموع و الألم...من الدعوات في الصلاة...و كثير من الحب و الدعم من زوجي...أنجبته بعد عشرات المحاولات الفاشلة في زرع جنين في رحمي ،لكنني نسيت كل ذلك حين إحتضنته فور ولادته.

إختصر إبني كل سنوات العذاب و أتى كتعويض لكل ما شعرت به من ألم...منذ لمسة يديه الأولى شفيت كل جراحي...و حين إحتضنته نسيت أنها عشر سنوات من الإنتظار. صرت أم أيهم و صار كلّ عالمي... لا حديث لي سوى طعامه،ملابسه،لون عيناه، حركة قدماه, ضحكته و بكائه...حتى بلغ الخمس سنوات...