في الماضي السحيق كانت الوحدة شابة جميلة جدّا تعيش منعزلة بالقرب من بحيرة صافية, سعيدة بحياتها وحدها فلا أحد من البشر يزعجها او ينغص عيشها تقوم كل صباح لتتأمّل حسنها على صفحة مياه البحيرة العذبة و تمشط شعرها الطويل

و تزينه بزهور الزنبق الجميلة و كانت ترفض رؤية البشر أومخالطتهم خوفا على روحها النقية من أن تتشوه لذلك فضلت أن تختفي في كوخها الصغير كلما مر ّبشر من ذلك المكان .

و في يوم من الأيام غار الألم من جمالها و نقاء روحها فقرر أن يزورها فلا يمكن لأحد ان يعيش و يموت في هذه الدنيا بلا ألم فتربّص بها و تمثّل لها شابا جميلا و بدأ يراودها و يتغزل بها و يبالغ في عطفه و حنوّه عليها و عاش معها دهرا سقاها خلاله لذّة العشق و دفء الحنان و ولع الهيام فلم تعد ترغب في الابتعاد عنه و مع كل ابتسامة يرسمها على شفتيها كانت تزداد له عشقا و يرسخ عشقه في روحها

و لما تأكد أنها لم تعد تقوى على العيش بدون جرعة من وجوده الى جانبها و جرعة من حنانه و صوته و لن يمر يومها بسلام من دون النظر الى عيناه هجرها...

أفاقت ذات صباح فلم تجده بحثت عنه في كل مكان و لما يئست من العثور عليه سكبت أول دمعة و كانت مع كل دمعة تنزل من عينيها البنيتان تفقد البعض من حبها و البعض من روحها و مرّ دهر لم تتوقف فيه عن البكاء و كان حبه

و روحها يجريان مع الدموع التي تنزل منها الى أن سكبت كل دمعها و معه روحها و منذ ذلك اليوم أصبحت الوحدة طيفا يأنس أصحاب القلوب المنكسرة.