أجساد العباد مقبرة, تموت داخلها الكثير من الأمنيات و تنتحر الأحلام صرخا و تهوي من القبة الخضراء نحو العدم. تموت الأمنيات و تعدم شنقا فنختنق بها, مقبرة, كل يسكن ترابه يبتلع منه و يختنق به, ولا أحد يهتم, قد تهوي أرضا يقتلك إختناقك,

كآبتك تطوّق رقبتك بحبل من مسد و لا أحد يراها, لتموت لتدفن داخل نفسك ككل مرّة لتحترق لتبعث من جديد لتموت و ككل مرة لا أحد يهتم, و يرمي الحلم نفسه من أعلى القمم و لا أحد يهتم, عيناك تنهمر دمعا و حنجرتك تؤلمك من صراخك الغير مسموع يخنقك و لا أحد يسمعك و لاأحد يهتم, قد يصيبك أحيانا الجنون لتصارح الناس بآلامك فينظر إليك كمجنون كمعتوه كقبيح يستحق الشفقة كمذموم كضعيف كمهزوم كدراميّ كمملّ كعلقة كأرق كألم مفاصل كإزعاج كضعيف كمهزوم كعائق كمهزوم كمهزوم كمهزوم...

لذلك تصمت و تعدم نفسك صراخا داخليا غير مسموع. أحدهم يلقي بأسباب الموت بين يديك لتلتف حول رقبتك لتخنقك لتهرب لتبحث عن الهواء كي تتنفس ولا تتنفس و لاأحد يهتم لأنك هكذا ولدت وحيدا و ستبقى وحيدا تثكل أحلامك و تندم إذا ماطلبت الإستغاثة من أحدهم لأنه لا أحد يريد رؤية وجه عبوس أو تعيس, خاطبهم بلغة السعادة خاطب القوم بما يفهمون.

وإذا ما أصابتك لعنة إكتئابك فحيّ على القلم حيّ على الكتابة فلا أحد يهتم غيرك. عانق كآبتك و أتركها تداعب عنقك فغدا لا تنسى قناعك و إحمل ذعرك و قلقك في الحقيبة معك سرّا و أشكر مرضك و لا تنتظر غيرك فلن يأتي ولا أحد يهتم. لا أحد يحبك و الكلّ أناني بطبعه.

أكتب غنّي و راقص الموسيقى و إبك و املأ غرفتك نواحا و غريدا و افتح النوافذ تبحث عن الهواء و عانق وسادتك و نم فلا أحد يهتم. لنعدم صرخا, لنرتكب جريمتنا النكراء و نعانق الأمل ثم لنسقط في قاع الهاوية.

لملم جراحك و إحمل سلاحك كجندي شجاع و حارب وحوش عقلك وحيدا فلا أحد يهتم. فأنت مقبرة دفنت فيها عديد الأماني و الأحلام, دفنت و بقيت تثكلها محاربا صداع رأسك فلا  أحد يهتم, لاأحد يحب التعساء و إن كان تعيسا مثلك.

لا أحد يهتم,لاأحد. كتب عليك أن تكون ثقبا أسودا تبتلع آمالك و تأكل أحلامك  و تنسى و ترتعش قلقا و لا أحد يهتم. لا تطلب مساعدة أحد, لاحاجة لك بشفقة أحد, حارب وحوش عقلك وحيدا فلا أحد غيرك يهتم, لست بخير أعلم فلا أحد يريدك, مت أو عش أو لا فرق فأنت مقبرة, أنت مقبرة, أنت مقبرة.