Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

قصّة فتاة عربيّة

fillette-lit-livreMolka Ben Bey - ملكة بن الباي

بدأت قصّتي قبل أن أعرف ما معنى أن أكون أنثى , قبل أن أعرف أيّ التجاويف تحويني ...

قصّة ربّما تفهمها كلّ فتاة عاشت طفولتها على الطّريقة الذكوريّة ... ربّما كانت طفولتي كذلك لأنّني صغرى أخوين من الذّكور في عائلة عربيّة محافظة , بدرجة مبالغ فيها ..

بدأت هذه القصّة بسماعي لهم يقولون لاحد اخوتي : " ما تبكيش , راك راجل... الراجل عمرو ما يبكي  "

من يومها , قرّرت أن أكون "رجلا" .

كان يخيّل لي حينها أنّ البكاء دلالة على ضعفنا ...

لذا , لم أبك يوم لم ترافقني أّمي في يومي الأوّل في المدرسة ...

لم أبك حين مات جدّ فادي "بائع الحليب " ...

لم أبك حين سخر منّي على الطّريقة التونسيّة الطفوليّة "البريئة" ...

لم أبك لأنّ " البكاء من شيم الضعفاء" ...

لم أبك أنني كنت "رجلا" صنعته الأقدار ....

و لكم أودّ اليوم أن تعود بي الأيّام لأرتمي في "شون" أمّي و أبكي , لأخبرها أنّه من العسير على فتاة في الخامسة من عمرها أن تكتم مشاعرها و ترسم على وجهها بسمة زائفة و رغبة عارمة  في البكاء تراودها ... لأخبرها أنه من الصّعب أن نتصنّع القوّة حين  نبتسم في أوجه من قدحونا رغم أنّهم كانوا الأقرب الينا , و أنّه من الاصعب ان نقف في وداع قطار اكتظّ باشخاص اختاروا مغادرة حياتنا - لمجرّد انّ الرحيل كان الخيار الأسهل- و أن نتظاهر بأننا لا نكترث برحيلهم , و أن حضورهم أو غيابهم سواسية , في حين أنّنا نجهد عقولنا بالسؤال " كيف ستكون حياتنا بعد رحيلهم ؟" ...

و ها أنا اليوم بعد قرابة العقدين , حاملة لنفس المشاعر , و نفس الرّغبة في البكاء ...

فرفقا بأطفالكم ... سواء كانوا ذكورا أم اناثا ... فالله لم يخلق الدّموع الّا ليجعلها متنفّسا لنا حين يخذلنا العالم بأسره , فنعجز عن اتّخاذ القرار بما يتحتّم علينا فعله .

لا تزرعوا في عقولهم تلك الالغام التّي لا تتفجّر الّا بعد عقود من الزّمن ... الشبيهة ب" وقتاش ناخذلك راجل و نتهنّا عليك " أو " ما تعطي ثيقة في حدّ" أو "الحبّ موجود كان في الكتب "....

احتفظوا بملخّصاتكم الجاهزة للحياة لانفسكم , فلسنا في حاجة اليها ... فالاجدر بكل ّشخص ألّا يستخرج هذه "الاستنتاجات العبقريّة" الا بعد مروره بمرحلتي "التجربة و التعلّم" ...

لتكتفوا بعيشكم لحياتكم , و توقّفوا عن محاولاتكم لعيش حياة أبنائكم

بقلم ملكة بن الباي

قصّة فتاة عربيّة