Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

طرق لم نخترها

lost-loveAmeny Dhify - أماني ضيفي

قال لي أبي يوما بأن الغربة بعد عن الأوطان ..

مزيج من ضياع و حنين و بعض وجع ..

فلماذا أشعر بها و أنا الأن في وطني ؟ ربما لأنك  وحدك وطني و أماني و برحيلك لم يعد هناك أي معنى للإنتماء ..

أو ربما لأن الوطن صار ضيقا كثيرا و نهبت أجزائه فلم يعد قادرا حتى على ضمنا نحن المعدمون ..


فأين وطني يا ترى ، و في أي أرض تراه يكون

ذلك الوطن الذي لازلت متأكدة بأنني فقدته و بأنه ضاع مني رغم أنه لم يكن لي يوما و لم أكن أبدا أهلا له ..

يقولون أن هذه الأرض وليدة الإثم و الخطايا ، و ستبقى إلى يوم الدين ، و يقولون بأن الشياطين عاثت فيها خرابا ، و صرنا جميعا هياكل فارغة بعد أن نهشت المآسي أرواحنا و تركتنا فريسة للخواء ..

و هكذا مضيت .. بدون يقين و لا إيمان و صار الخلاص مجرد فكرة ، حلما ، و سراب ..

و لكنني حين وجدتك ، وجدت الجنة و ظننت أن النعيم أبدي ..

و نسيت أنني إبنة الخطيئة و دماء حواء تسري في عروقي ، و أن القدر لم يكتب لي الأبدية إلا معلقة بين الأرض و السماء ..

و ها أنا اليوم في الجحيم ، فكل مكان لست فيه ليس إلا جحيما لا غير ..

كل بيت لن يجمعني بك مقبرة لأحلامي ..

و كل طفل مني لن يحمل إسمك يتيم الأم و الأب ..

كل لحظة لن تشاركني إياها عمر ضائع ..

و كل حياة لست فيها لن تكتب لي ..

يقولون أنه القدر ..

فعسى أن لا يكتب الله يوما واحدا من قدري بدونك ..

و أعلم أنه لا يجيب دعاء المذنبين ..

لكنه سيحمي قلبك مني ..

سيحميك من فتاة لم تخلق للحياة و لم تخلق الحياة لها إلا أنها تجيد إستغلالها ، تماما كما فعلت بالأشخاص و كما فعلت مع كل من عرفتهم ..

فتاة عاجزة ، خارج دائرة الإستغلال تصبح مجرد مخلوق أخر يخشى الضوء و يؤذي الجميع .. و لذلك ها هي ذا ..

يؤسفني أنها لم تعد تشبه نفسها، صارت نسخة مشوهة للغاية عن فتاة صغيرة كنت أعرفها ، و لا فكرة لدي عن مكانها الآن ..

يتلاشى كل شيء حولها و تدرك أن ما هي فيه الآن هو حقيقة ملموسة و ليس مجرد صوت يهمس داخل رأسها .. و تقر أمام الجميع بأنها مشوشة و بعيدة كل البعد عن الخلاص و السكينة ..

ترى حياتها كلها تصبح مجرد هباء متناثر ، و لا يغير هذا شيئا ، لا يلغي حقيقة شيء ..

هي حرة من كل شيء و بعيدة عن كل شيء ، لا سلطة و لا قانون عليها،و مرادها المستحيل ..

تعرف أنها ستتمرد يوما ، على الشرق و الغرب و العصور القديمة و الحديثة ..

و تمضي في طريق لا عودة منه ..

لكنها تنتظر، و تنتظر..

و هو حلم ضائع ، رصاصة في بندقية ثائر ، كلمة في قصيدة شاعر ، درب مسافر ، حر في السماء

بدون طريق و لكن قدره  انتماء ..

فكيف تعشق النار الماء ؟  ..

لكنه القدر ..

و يقولون الحب الأول لا ينسى ، فما ذنب من كسرهم و ترك ندوبا لا تمحى ..

ما ذنب الذين حرمو رغبة القلب الأولى و حرم عليهم النسيان ..

ما ذنبنا نحن الذين لم نسر بأي طريق و لكننا وجدنا أنفسنا في طرق لم نخترها ..

و يتساؤلون ؟ كيف تعشق النار الماء ..

بيد أن الأمر سهل .. و بديهي كزرقة السماء ..

أنت التي لا أرض لك و لا عنوان ، أخف من ريشة في الهواء ..

صار لك اليوم وطن ، لكنك لن تعرفي أبدا الإنتماء .

ثم أنت ! .لأنك أنت أنت ..

و لأن أمك كانت سخية مع هذا العالم و قدمتك هدية له ..

و لأن عطور باريس كلها لا تضاحي رائحتك ..

و لأن السعادة لحظة معك ..

و لأن الأمان حضنك ..

و الجنة سقف يجمعني بك ..

لا يمكنني أن أتوقف يوما عن حبك ، رغم أنك لن تكون يوما أحد أقداري ..

أماني ضيفي
طرق لم نخترها