Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

إبنتي

letter-to-himAmeny Dhify - أماني ضيفي

قررت اليوم ان أكتب لك ، رغم أنني لا أعرف ما إذا كنت ستولدين يوما .. لكنني رغم ذلك ، سأفعل ..

أفترض بأن الزمن الذي ستولدين فيه سيكون مختلفا ، نظرا لكوني سأبلغ العشرين من عمري بعد شهرين فقط ، و نظرا لكون أحلامي تتطلب وقتا طويلا لتحقيقها ، و بالطبع ، نظرا لكوني لم ألتق شخصا يستحق أن تكون له إبنة مثلك ..

في الحقيقة ، أنا أشعر بالخوف .. الخوف من أن يمضي قطار العمر سريعا بدون أن أراك ، و في الأن ذاته الخوف من أن لا أهبك الحياة التي تليق بك ..

لازلت أصارع هذه الحياة ، أقف في وجه العائلة و الأصدقاء و الناس جميعا .. لازلت أبحث عن سبيل لأكون من أنا عليه ، و في الأن ذاته لكي اكون شخصا جيدا في هذا العالم ..

لكن بوجود هذا الكم من الأشخاص المحبطين ، كل شيء يبدو سيئا للغاية صدقيني ، بدأت أفكر في كوني غير قادرة على منحك لهذا العالم .. لأن وجود الأشخاص السيئين .. هو كل ما يتوفر فيه .. و لأكون صريحة معك ترعبني أحيانا فكرة أن لا أراك ، أن لا أمسك بيديك الرقيقتين و أقبل شفتيك .. أن لا أشتم رائحتك ، و أحدق في عينيك أن لا الامس الغمام ! و أحضنك .. فقط لكي لا تكوني مجبرة على التعامل مع هذا الكم من قبح العالم ..
أتمنى من كل قلبي ، أن لا تكوني مجرد شخص آخر ينضاف لهذه القائمة ، يولد و يكبر و يتزوج و يموت .. يعيش حياة تقليدية بحتة و يتبع القطيع حتى يلقى حتفه .

.توجد قاعدة أريدك أن تحفظيها جيدا و هي أنه لكي مبدأ إستثناء ! و أنت يا عزيزتي الإستثناء .. أنت اللون الأصفر الفاقع وسط هالة السواد .. و الإبتسامة العريضة بين آلاف الوجوه الكئيبة .. أنت النجمة الوحيدة في كنف ظلام حالك .. لا تخشي أبدا أن تكوني إستثناءا ! مثالا شاذا ! أن تحيدي عن القاعدة و تكسري الخطوط المستقيمة ! ما يجب أن تخشيه هو أن تصبحي دون وعي منك نسخة آخرى من كل هؤلاء ، لاروح لها .. أن تصبحي مجرد إمرأة أخرى تخفي حقيقتها و تبحث عن نفسها في أعين الآخرين .. فقط لترضي المجتمع ..

تمردي حين يجبرونك على الخضوع  .. و حين يحدثونك عن الحرية .. لا تستمعي لخطاباتهم  فحريتهم لا تزال مرتبطة بالقماش و الصوت .. و لم ترقى بعد لمستوى الروح ..

لا تتبعي القطيع دوما ، فنهايته تكون دوما على يد راعيه .. و لا تقربي المتعصبين أبدا ، فإنهم آخطر من أي أفة على وجه الأرض .. أحبي الناس جميعا .. دون أن تولي إهتماما للإنقسامات .. فنحن جميعا سواء ، خلقنا من طين و إليه نعود ..

لا أعرف حتى لماذا أكتب لك الأن ، و أحملك وزرا لا تقدرين على حمله .. لكن كل ما أعرفه هو أن كلماتي لم تعد تعني شيئا لكل هؤلاء .. فسخرتها لأجلك .. لأنك تذكرينني دوما بإمرأة لن أنساها يوما .. و لذلك أكتبي لي ..
لأجلها .. و لأجل الطفلة التي لن تكبر بداخلك ..

لأجل عينيك اللتان ستبحثا دائما عن هدف و مرفأ ..

و لأجل قلبك الذي سيزهر حتى في صيف قاحل ..

لأجل يدك التي لن تمتد لتصفع أو تسرق أو تستجدي بل لتساعد و تسند و تطعم و ترحم ..

أماني ضيفي

إبنتي