Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

أعرفني بنفسي

short-story-tunisiaWiem Messaoud - وئام مسعود

ربما علي إزالة "المكياج" أولا بالماء الدافئ بدل المناديل القطنية المعطرة، ولتخرج الهالات السوداء وأزقة التجاعيد إلى شمس بيتنا. .حيث لا يمكن لأحد أن يرى تقاسيم وجهي الحقيقية وثيابي البالية وقطتي الشرسة التي كلما رأيتها شعرت أنني فأرة مسنة لا تستطيع ابتلاع قطعة جبن البارحة ولا أن تكون ضحية تسهر فوق جسدها قطتها وقليل من النمل الخائن وصوت التلفاز المرتفع. .

سبق وأن عرفتك بآب ١٩٨٠ إلى أحدهم وأصبح يجهلك بعدما بدأت عقارب حياتي بالتحرك، أتذكر أنني تعرضت إلى الكثير من الرفض بذلك اليوم. .من أمي حين طلبت منها المزيد من النقود لشراء فستان يليق بأمسية شعرية، ومن سائق التاكسي الذي لم يتوقف لي ورفض أستاذ الجغرافيا إعطائي عودا من الطباشير الأبيض آكله بدل أظافري ورد بصوت عال:" لدينا العديد من الخرائط التي سنرسمها اليوم وأولها خريطة الوطن، تفضلي إلى السبورة"

هل يمكن أن يعاقب المرء برسم الخرائط؟

تمنيت حينها أن أتحول إلى خريطة تتزود ببعض المناطق السوداء والكثير من المساحات الخضراء، عشقت الأخضر بعينيه وهكذا يجب أن يكون لون ترابي!

دفعني أستاذي بقوة وصرخ ب"الفاشلة" لسبب بسيط وهو أنني رسمت نفسي مثلما يرونها. .ظن أنني لم أحفظ الدرس، وتحصلت بآخر السنة على الرتبة الأولى بقسم الشعب العلمية. .
كان اختصاصي علمي، غير أن المواد الأدبية لم تفارق مسار حياتي الذي قادني إلى كتابة التاريخ، تاريخ نفسي بعد أن أنكرتني ورتبت مكوناتي حسب موت والداي وضياع دفتر قصائدي والسؤال المستفز الذي يصطدم بأذني كل صباح:" كيف حالك؟  "

لم لم أولد اليوم مثلا؟


كنت قد تخلصت من كل ذلك الهراء الواسع، وأنظر إلى وجهي الآن لأراه ناعم، ولا توجد أسنان بفمي ولا أعلم حقا إن كان سبب ذلك هي الشيخوخة أم الرضاعة.

ترينني ألهو، صحيح؟

ربما في اللهو سفر طويل إلى جدران ذاكرتي، حيث ألقى صورتك القديمة بلا موعد مع رسام وأسرقها بدون مباغتة ليلية . .وأعرفك مجددا بدون لغة أكتبها أو تتحدثينها.  

وئام مسعود
أعرفني بنفسي