Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
النافذة المنشودة
Houwaida Djerbi - هويدة الجربي
في يوم إشتدَّ به البرد و المطر .. نزلت من بيتها اللذي دفن روحها .. تتمشَّى في الشارع الفارغ ْ .. الشارع الذي لا حياة فيه ، خرجت من الحي الذي احتفل بجنازتها . حي صامت صمت المقابر لا تستمع إلا لقطرات المطر الهادئة ..
هناك تسكن حليمة ، هناك نسوها و تركوها ، هناك سجنوها .. خرجت من بيتها في ذلك اليوم و هي لا تعلم إلى أين ستتجه .. تائهة هي في بحر حزنها .. أخفت المطر دموعها و خبّأ دوِي الرّعد صراخ قلبها .. تمشي حليمة وحيدة في تلك الظلمة.، تبكي و لا أحد يسمعها .. و لا زالت تمشي ، تمشي بخطوات منكسرة ، و بقدمين أعياها البرد .. ابتعدت .. ابتعدت عن البيت الذي كان آسرها ..
توقفت حليمة أمام منزلٍ مُنيرٍ ، و أخذت تسترق النّظر من نافذته : عجوز جالسة على مقعدها تخيط ثيابا .. كل شيء عادي إلى أن دخل رجل و فتاتين في أيديهم هدايا و قد انطلقوا بالغناء : عيد ميلاد سعيد يا أمي ، أطال اللّه عمرك و انحنوا يقبّلوها يطلبون رضاها ..
مشهد رائع ،عمّق جرح حليمة ... حليمة التي قام إبنها بنفيها في ذلك الشارع الميّت ليرضي زوجته .. أبعدها عنه و وضعها في ذلك البيت الذي جهزّه لها بأحدث الأثاث و لكن لم يعلم أن سعادة حليمة ليس في رفاهة بيتها بل بوجوده معها .. هو سجن أمّه في ذلك البيت .. بكت حليمة أمام تلك النّافذة إلى أن أجهدها البكاء ، و همّت بالرّجوع لسجنها و لكن لم تجد قوى
لتسترجعها .. فلقد تعب جسمها في ذلك الطقس .. و ضعفت نفسيتها أكثر بعد رؤيتها لهذا المشهد ، قتلها إنكار إبنها لها .. نسى أمه اللتي ضحّت من أجله ..
همّت بالعودة و لكنّها نست الطريق .. فهي لا تستطيع أن تتذكر سوى إبنها الذي رماها بعيداا .. لا تريد سوى أن تلتقي به فتشبع عينيها بصورته و تملأ اذنيها بصوته .. و تسجل بقلبها كلمة امي ..
واصلت مشيها .. تشاهد الفرحة في نافذة البيوت ، لعلّها يوم ما تبصر إبنها من أحد النّوافذ ..
حليمة
----
(نرجوا رضاء والدينا)
Website Design Brisbane
Tags: