Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
المشاعر لا يحق لك قتلها
Sihem Hedi - سهام هادي
في آخر ساعات الليل , خرج مسرعا من البيت , صعد بسيارته و توجه للبحر الّذي لم يكن بعيدا جدا عليه
اقترب منه بخطى مترددة ثمّ تقدم , بحذائه الثمين و ملابسه الباهظة , جعل المياه تغمر نصف جسده ثمّ صاح بأعلى صوته
- لقد هزمتني, ها قد عدت إليك و خسرت الرهان , ها أنا بين ثناياك , خذني إلى أعماقك و اجعل مني وجبة دسمة لسكانك
- ...
لا شيء يسمعه سوى صوت الموج الّذي زاد من وجعه و كان كالملح على جرحه فعاد إلى الوراء قليلا قبل أن يلقي بنفسه على رمال الشاطئ تصافحه المياه حينا و تصفعه بقوة حينا آخر
و بدأت تعود به الذكريات لليوم الّذي قال فيه للبحر و قد كان طفلا أنت لست صديقي لقد سرقت أبي مني و سأجد صديقا أفضل منك و لن أزورك أبدا , أنا أكرهك أيها البحر أكرهك
فجلس و ضمّ ركبتيه لصدره بكل قوته و نزلت دموعه و بكى كما لم يبكي يوما و قال:
- ها أنا قد عدت إليك خائبا يملؤني الوجع , أتوسلك أن تجيبني اليوم , فهل ستفعل؟
- ...
- سأعتبرك ملامسة مائك لجسدي موافقة منك فهذه لغتك الوحيدة
صافحته الأمواج ثانية و كان يراها كالأبواب الّتي تُفتح على وسعها فقط لأجله فقال باكيا
- لقد أحببته كما أحببتك و أكثر و عشقتها كم أعشق ذكرياتي مع أبي و لكنهما اختارا خيانتي
- ...
أردف قائلا بعد أن وقف محاولا جمع شتاته
- و أنا يا صديقي كنت أعرف كل هذا و قلت لا بأس الوقت كفيل بكل شيء و منذ أشهر نسيّت هاتفها المماثل لهاتفي جنبي ففتحته لأتصل بها و أخبرها بأن تعود لأجله و إذ بالفضول يتملكني فبدأت بالبحث شيئا فشيئا حتى وجدت لها رسائل شتى لحبيبها القديم تتوسل إليه أن يعودا معا و ستهديه كل ما هو نفيس و غالي من حب و مشاعر و اهتمام بل حتى أنها قالت له إنّها ترافقني فقط لتجعله يغار و أنها تتمنى لقاءه مرة أخرى مثلما حصل منذ شهر فقد اشتاقت لحضنه و دفئ يديه كما وصفت حالها و لوعتها
ضحك بقوة و أضاف
- سنتان من عمري و حصل ما قد حصل بيننا فقط لأجل أن يغار, لقد استغلتني و جعلت مني مغفلا
نظر للبحر ثانية و قال:
- لا تستغرب لمجيئي المتأخر ففراقها قررته و تقبلته و قلت لا بأس فلي صديقي سيواسينني و نشرب معا نخبا و أنسى و أمضي و لن يخونني و ذاك فعلا ما حصل و لكن جئتك اليوم فقط لأقول لك أن حبيبها السابق ما هو إلا صديقي , صديقي الّذي يعلم كل شيء عنا و له ملابسات كل الأحداث بحلاوتها و مرارتها و لطالما نصحني كيف أتصرف معها بل و ما أُهدي لها في عيد ميلادها , ليس حبيبها السابق بل الآن رجلها الّذي يحتويها بحب و شفقة
- ...
- فيا بحر سأجعل منك صديقي فأنت لا تغدر و لا تقتل الناس و هم على قيد الحياة... فهلا سمحت لي بالنوم جنبك هذه الليلة, أحتاج منك أن تحتويني و لتعلم أني سأنام هنا الليلة فقط و غدا سأبدأ رحلة البحث من جديد عسى الخيبة لا تحالفني و اللّه الحب الصادق يرزقني
قال كلماته و عاد لسيارته فأحضر غطاءا التف به و نام على الشاطئ باكيا كصغير بلا مأوى و قال قبل أن يسرقه النوم من الحياة "مازلت لا أحبك أيها البحر و لكنني أحتاجك وسأستغلك احتجاجا على وفاة أبي"
سهام هادي
Website Design Brisbane
Tags: