Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

فقه الحب

love-humanityKawther Akkeri - كوثر العكاري

أ يا قساة القلوب ، لما تُحَرِّمُونَ الحب
أ يا أصحاب النفوس الشهوانية  لما تُجَرِّمُونَ الحب..
ألم يكن الحب سبب خلقنا ؟
ألم يخلقنا الله ليسكن في قلوبنا؟

ألا تسمعون صدى صوته " لم تسعني سمواتي و أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن"..
تلك السماوات
ذات المجرات التي لم تحد يوما عن مسارها ،
ذات الكواكب الملتهبة
ذات الخنَس الجواري الكنّس..
تلك السموات
بإتساعها..بألوانها الملهمة..
بجبروتها.. و تواضعها لله..
بما عايناه و ما لم نعاينه بعد..
لم تسعه، ووسعه قلب مؤمن..


لم تجرمون الحب و قد خلقنا لأجله..
لم تجرمونه و به أتيناه..
لم تجرمونه و به نفارق الأهل و الأحباب..


لم تشوهون صورة الله في أذهاننا و في قلوبنا..
لم تصورون في عقولنا إلاها شريرا يستمتع بتعذيبنا في الدنيا و الآخرة..
لم رسختم في أذهننا صور ألسنة اللهب و الأفعي التي ستسكن معنا القبر..و أنتم تسمون بإسمه الرحمان الرحيم..
ألم تعلموا أنه أرحم من الأم بولدها..
ألم تعلموا أن الخوف لن يأخذنا إليه
و أن الحب وحده  طريقنا إليه..

لما لم تحدثونا عن رئفته بنا ،عن عظيم عفوه و مغفرته..
عن وده و حبه الا مشروط..
يحبنا رغم نواقصنا و عيوبنا..
رغم أخطائنا المتكررة..
رغم جهلنا ، و هو الذي أحاط بكل شيء علما..
رغم ضعفنا ، و هو القوي المتين..
رغم قصورنا و رغم كماله..
رغم إنيتنا و رغم عطائه الّا محدود..
رغم غناه عنا و رغم إفتقارنا له..
ألا تسمعون ندائه  " يا إبن آدم أنا لك محب.. فبحقي عليك كن لي محبّا؟
أيا من تسعون إلى تفريق إخوة إختلطت دمائهم في عروقهم و توحدت أرواحهم في أجسادهم..
أنتم تقطعون ما أمر الله به أن يوصل و تفسدون في الأرض بغير الحق
أنتم تزرعون فتنة و حقدا
و ستحصدون خسرانا حتما..
ألا ترون أن موسى ما كان ليواجه فرعون بلا هارون..
أم أنكم لفرعون جنوده ؟
أرجو شفقة بقلوبكم التي لم تعرف الحب يوما أن تكونوا سحرته التائبين..


أيا من جعلتم من الزواج تجارة تخشون كسادها..
تحللونه لأناس لا تجتمع قلوبهم..
ألا ترون أنكم تأسيسون لدعارة مقدسة !
أنتم تأسيسون  لالبرود و التبلّد..
إلي الحقارة..
أنتم تنشأون بشرية فجّة فاجرة باسم الدنيا و الدين..


أيا من تفرقون حبيبان إجتمع قلبيهما ، و إندمجت روحيهما..
بدعوة تحقيق الكفؤية،
جسدية كانت , طبقية  أو عرقية
أنتم تخرصون لحن الحياة الجميل
أنتم تأسيسون لالعبث, لالعدمية..
ألم تروا كيف يداعب الريح أغصان الشجر فترقص له طربا..
ألم تستمعوا إلى صوت المطر الحنون و هو يسقي الأرض العطشى و يواسيها بلحنه العذب..
يواسي تعطشها إليه و يعدها بأن لا يطيل غيابه ,
يدمج ذاته بذاتها فتشفي الأرض  من آلامها و فرط شوقها إليه
لينفخ الله فيها من روحه
فتتشقق و تتحمل آلامها لتنبت نباتا مختلفة ألوانه ،
مختلف طعمه، يأتي أكله بإذن ربه
لتطعم الناس و الحيوان و الخلائق الذين يدوسون عليها
فتصبر على أذاهم و تضحي من أجلهم
و تقتطع من جسدها و من جسد الماء لتسقيهم و تطعمهم..


ألم تروا كيف يحضن الليل الأرض ليريحها من حملها الثقيل فتجد في أحضانه السكون و الطمأنينة..


ألم تتأملوا كيف تحترق الشمس و تشتعل نيرانا  لتنشر الدفء في الأرض المتجمدة أطرفها، لتمحو عنها ظلامها..
رغم المسافة النائية..الأبدية بينها..رغم إستحالة الوصل..
و عند غيابها توصى القمر براعياتها  ..
و رغم مجهودات القمر و رغم ما تجده الأرض من سكينة في أحضانه ،
رغم الأنس الذي تجده عند النظر  لوجهه المنير..
إلا أن الأرض لا تعود إلى الحياة إلى بوجود شمسها القوي الحنون..
ألم تروا كيف يسدل اليل ستره على عشاق الله الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعونه خوفا و طمعا..
خوفا من بعده وطمعا في قربه..
و على أم تحضن رضيعها تلتمس جبينه و أطرافه برفق في كل لحظة خوفا من أن ترتفع حرارته..
ألم تروا كيف يسدل الله ستره على زوجين متاحبين يواسي أحدهم الآخر..
يشكو الزوج لزوجته نصبه و حرصه من أجل حمايتها..
فتحضنه كما تحضن طفلها الصغير تستمع لشكواه الصامتة و تشكو له آلامها و خوفها منه وعليه..
فيندمجان كما الماء  و الارض..
يندمجان روحا  و فكرا , عاطفة و جسدا..
فيثمران مودة و رحمة ,
يثمران حياةً
نطفة مخلقة و غير مخلقة..
ينفخ الله فيها من روحه الطاهرة..
فيستوي..جنينا..باذن ربه..
يعانق روح الله بتلكم النفخة و يعانق جدار رحم امه الحنون بجسده الصغير..
يتغذى من دمها و عظامها..
فيصيبها الوهن في جسدها..فيزيدها نبلا..
و يصيبها العشق في روحها..
فتسلبها مشاعر الامومة من ذاتها.. و لا تبقي في قلبها سوى عذوبة صوت دقات قلبه الصغير..
ثم ينمو و يكتمل.. و يقبل إلى الحياة بعد مخاض طويل مضنن يشبه سكرات الموت..
ليقبل على الحياة باكيا..
باكيا من الم الفراق فقد اقتطعت روحه من روح الله و ألقيت في سجن الروح و الجسد..
مستبشرا بخلاص قريب..
باكيا من فراق جسد امه الحنون..
مستبشرا بلطف الله..
باكيا اشفاقا من حمل الأمانة..
مستبشرا بنور الله و رحمته..

أيا من تجرمون الحب  ألم تروا أن لا نبل و لا صدق و لا عطاء و لا إيثار بلا حب
و لا فحش و لا إجراما و لا رذائل إلاّ إذا فقد..


أفلا تفقهون الحب أم على قلوب أقفالها ؟

كوثر العكاري
SaveSaveفقه الحب