Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
إلى وجيه عزيز:لقد فقدت قلبي فهل سأعيش؟
Imen Soudani - إيمان السوداني
لكل منا طريقته في إدراك حزنه و طمأنة قلبه بأن ثمة ما أو من بامكانه تخفيف وطأة ذلك الألم ،البعض يهرع لصديق أو لحبيب ،لعناق، لقبلة ، أو لكأس في حانة معزولة .
أما أنا فحزني ثقيل جدا ،لن يقوى أي عناق على حمله ،و سيطبع على شفاه القبل حتماً مرارة لا تطاق،وحدها الأغنيات من جعلت هذا الألم مستساغا بل و مستحبا أحيانا ،أن تشعر بأن هنالك كلمات قد كتبت ،و لحنا قد خلق منذ سنوات -عشرات السنون -و صوتا بعيد عنك لا تعرفه و لكن يالغرابة ،تشعر بأنهم كلهم الكلمات و اللحن و الصوت لهم قدرة سحرية على التعبير عنك و إدارك ما تشعر به ،بأنك المخاطب ،تحدس ذلك بشيء يشبه الفنتازيا و الخيال .
دائما ما احاول الابتعاد عن تعريف هويتي بأنني عربية أو شرقية أو مسلمة او غير ذلك لأنني أؤمن بأن الكينونة ليست لها عناوين ولا إجابات ،هي سؤال أزلي دائم التجديد و الإدراك و الإيمان كذلك ،إلا أنني موسيقيا أستطيع أن أخالف قاعدتي العامة و أقول بأنني شرقية الأذن ،أعرف أن الجمال و الإبداع لا يتقيد بلغة محددة لكنني أمتلك روحا لا تستطيع تذوق إلا ما كان عربيا أو شرقيا ،أستمع كثيرا لاديف بياث أو ليو فرري أو لازنافور ،لكن مع الألحان العربية ألحان بليغ مثلا أو عبد الوهاب تتجرد مني مسافة الباث و المستمع ،نصبح وحدة واحدة ،أنا و اللحن ،أو انا و الكلمات أو أنا و الصوت ،لذلك انا أميز جيدا بين المؤدي الفنان و الفنان الحالة ! لحظة اتحاد الروح مع الصوت هي لحظة دخولك لحالة الأغنية او اللحن.قليلون هم من نستطيع تسميتهم بالفنان الحالة ،عالميا قد يكون ليو فرري عربيا محمد منير الشيخ امام ..ووجيه عزيز ،وطنيا لا يستحق اللقب غير أمينة فاخت .
لوجيه عزيز الكثير من الأغاني و الألحان التي تتسم بالرومانسية و الحب،"ناقص حتة " "قلبك الشاطر " "ان مقدرتش تضحك " ،لكنها رومنطقية من النوع الخاص . فليست الغاية عند وجيه عزيز خلق مشهدا رومانسيا بل إن
الرومانسية عنده أحد الأساليب أو المفتاح الوحيد لفهم و تمثل العالم ،لفهم إشكالات الوجود ، فوجيه عزيز لا يقدم حلولا فورية للإنتصار على قسوة الحياة و ضراوتها بل إن غايته هي جعل هذه القسوة أخف ،لتكون محتملة
على الأقل .
الدفء البساطة ،الإرادة ،الحب ،الضحك ،و المحاولات الكثيرة للفرح و العيش ،هي الكلمات المفاتيح عند وجيه عزيز.
سنة 1999 أي سنة مولدي أنتجت السينما المصرية من أروع الأفلام التي صدرت على الإطلاق فيلم "هيستريا " بطولة أحمد زكي و عبلة كامل ،في المشهد الأخير من هذا الفلم ،لحظة ضياع الأمل و الحب ،أعاد البطل أحمد زكي غناء أغنية رهيبة لوجيه عزيز و هي أغنية "إن مقدرتش تضحك " و كلماتها كالآتي : "إن مقدرتش تضحك مادمعش ولا تبكيش ،و ان مافضلش معاك غير قلبك أوعى تخاف مش هتموت هتعيش .."
الغريب أن أحمد زكي في ذلك المشهد لم يستطع الضحك و كذلك لم يستطع كبح دموعه لتكون بذلك الكلمات ليست بتوصيات بل هي مواساة ! تلك اللمسة ساعة الحزن او لعله ذلك العناق الذي يعقبه أنهارا من الدموع .
المربك أنني في كل مرة أستمع فيها لهذه الأغنية أشعر برغبة جبارة على البكاء ،و كأن جملة مادمعش ولا تبكيش ترجمتها عندي كأمرا بالبكاء و الدموع ،و لكنني حينما يصل صوت وجيه عزيز لجملة "و ان مفضلش معاك غير قلبك اوعى تخاف مش هتموت هتعيش.." يتنفس قلبي الصعداء وحينها فقط تشعر روحي بالإنتصار ،و نعم الإنتصار فعلا إن كنت مازلت أمتلك قلبي و مازال قلبي ينبض حبا فلتذهب الحياة للجحيم إذن .
لكن في هذه المرات الأخيرة التي أستمع فيها لصوت وجيه عزيز في هذه الأغنية ،شعرت بأن قلبي لم يعد لي ،ربما أضعته في أحد الشوارع أو البيوت ،أو ربما قد سرق مني سهوا ،لا أعرف تحديدا ،ما أعرفه هو أنني أصبحت أشبه كرة الثلج ،أمثل كل الإنفعالات من حزن و ضحك و اشمئزاز و إعجاب لكي أشعر بأنني مازلت على قيد الحياة،بأن قلبي مازال في مكانه .
لكن في الحقيقة فأنا فارغة من كل ذلك ، لم يعد لي قلبا و بذلك فشلت في استحضار طعم الإنتصار في أغنية وجيه ،طعم الأمل في الحياة برغم هزائمنا.
عزيزي وجيه قد خسرت كل الأشياء و الأماكن و الأشخاص و الأحلام التي أحببتها و دعوت الرب لكي تبقى ،لكنها قد هجرتني جميعها و هاأنا فقدت قلبي أيضا فهل سأعيش ؟؟
لعلني لم أحرسه بشكل جيد ،بل إنني قد بعته عديد المرات لأجل عناق واحد ،لكي أشعر بأنني أستحق الحب ،بأن الرفض ليس قدري بأنني سيشفق علي الرب و يمنحني كل الحب الذي فقدته !
لكن كيف سأدرك أغنيتك بعد الآن ؟ كيف سأصدق نبؤءتك تلك بالحياة و النجاة و قلبي قد فر مني !
أحتاجه ذلك الأمان ،ذلك الإيمان مادام قلبي معي لن أموت !
لكن قلي للمرة الأخيرة هل تعني أغنيتك أن من فقد قلبه سيموت ؟ عزيزي وجيه مفضلش معايا قلبي فهل سأعيش؟؟
إيمان سوداني
Website Design Brisbane
Tags: