عزيزي جبران

خلتك قلت ان العربية أصبحت صبية و لم تعد عجوزا شقية تشقى و تشقينا معها ، دخلت إلى المعهد و كلي سرور و أمل في دراسة الشعر و النثر بقديمه و حديثه و الحضارة بما هي أفكار تتصارع ليبقى الأقوى و لا أدري ما الهدف من دراسة الحضارة ! هل لكي نتعلم منها أم لنحفظ ما يمليه الأستاذ علينا ؟

هل ندرس عن النهضة و كيفية تحقيقها لنخرج برأي نحققها به أم لنحفظ ما قال هذا و ما قيل في هذا و نستعرض معلوماتنا على ورقة امتحانات مصيرها سلة المهملات و نخرج لننسى ما درسنا و نمر الى السنة المقبلة و السلام فلا تتحقق النهضة و لا ننهض نحن معها ؟!

لماذا ندرس الحضارة اذا ؟ لماذا ندرس الأدب و نحفظ الشعر و نتشدق بالقضايا و الواقع و نرمي الكراس و الكتب في اول مواجهة مع هذا الواقع !؟

نحن لا نؤمن بما نتعلم و غيري لا يقدرها ، نحن فقط ندرس لنحفظ لننجح لنتحصل على عمل ، أساتذة يسيرون على نفس المنهاج ، يعدون الدروس لاملاءها على آذان التلاميذ ، يكرم الناجح و يوبخ الأحمق عل ذلك الأحمق هو من أحب العربية و قال لا و ألف لا يا صديقي هي لغة ثرية هي فن اتنفسه و أعشقه لأحيى ، حضارتنا بحر نغوص في أعماقه لنستخرج منه ملح المستقبل ،

قد تخطأ يا صديقي في إعراب جملة و غيرك بهذا العلم أعلم و لكنه وسادة محشوة قواعد و دروس تغسل و تمحى مع أول الصيف و انت عاشق على محراب هذه اللغة تحبها و لا يخلو قلبك من ذكرها مع كل موسم تزداد عشقا . عل ذلك الأحمق أول ذات يوم بيتا من بيوت الشعر فأسكته الاستاذ بدعوى أنه أخطأ . و هل في التأويل أخطاء ؟ لكنه مجرد إبداع يخالف مسار الاملاء و يهدر وقت الزملاء في حشو رؤوسهم و تلطيخ أوراقهم بتآويل غيرهم و أفكار الآخرون (رون أو رين ؟ )

لا أدري كل ماأدري أني واحدة من أولئك الحمق حمقاء . أعشق الاسلوب الأدبي و أكره التقارير أتعامل مع الحروف كأشخاص تحب من يفهمها لا من يحفظها و أفرح عند استخراج تأويل خاص بي فمن يدري لعل لو أفاق أحد الكتاب من قبره لما صاح و أقسم ان أشهد بالله العظيم ما قلت كلماتي في هذا و لا في ذاك و لم أقصد شيئا مما أولتم انما كتبت لحظة راودتني نوبة القلم و السلام. العربية في عالمي لغة جميلة فاتنة صغيرة متواضعة اما في الكلية فهي معقدة منفرة عجوز شمطاء و متكبرة اذا أأصدق نفسي ام الكلية ؟

ليسقط مثل هذا تعليم و لتبق عربيتي شابة تسحر السامع و لأبقى حمقاء أتحصل على أسوء العلامات آمن بتأويلاتي و أحلم بمستقبل افضل للتعليم في هذا البلد أسأل لماذا و كيف و أمقت الحفظ و أعشق الحضارة و أنقد لأبقى حمقاء أفكر و أشك و أعترض و لأدرس نعم سأتواضع و أدرس كما أرادوا لي أن أدرس لا اريد لتلامذتي السقوط بين يدي رجل همه راتب آخر الشهر يدرس لغة لا يحبها و يملها فيبعث فيهم روخ السأم ولا امرأة تدرس و همها مع أطفالها و عشاء زوجها . سأعلمهم ان يبدعوا يناقشوا يعشقوا ما يتعلمون سأرسم لهم أجنحة يحلقون بها في أعماق النصوص و الأبيات سيتعلمون قواعدها احتراما لقداستها لا طمعا في اجتياز امتحاناتها سأنقذهم من براثن الملل و التثاءب في القسم...