Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
ركين #13
مرّ شهر و نصف الشهر على الحادثة... و بدأت جراح جسدها تلتئم و لكنّ روحها بقيت سقيمة رغم أنّ الأمر أُحيل إلى القضاء و تلقّى طليقها العقاب الذي يستحق... إنغمست "ركين" في شؤون المدرسة الثانوية التي تُزمع إفتتاحها...
إذ لم يستغرق إستخراج رخصة من وزارة التربية أكثر من يومين بفضل مساعدة محاميها و سرعان ما بدأت أشغال البناء في منزل خالها الذي أصرّت الخالة "حليمة" على أن يكون مقرّا للمدرسة الثانوية... في تلك الأثناء كان "آسر" يستعدّ للسفر إلى تونس كي يشارك في أحد المعارض المخصّصة لفن التصوير الفوتوغرافي و لم يضع في حسبانه أنّه سيلتقي إمرأة التوليب، كما يروم تسميتها، من جديد... فقد ذهب إلى ظنّه أنّها مغتربة مثله و لم يكن يعلم أنّها تسافر كثيرا و لكنّ عيشها لا يطيب إلاّ في وطنها و لم يكن يدرك كذلك حجم الأثر الذي تركه في نفسها... هيّ التي لم تكترث يوما بالحب و قصصه لأنّها قد أقنعت نفسها بأنّها لم تُخلق للحب و إنتهى الأمر....
كانت قد عانت بما فيه الكفاية من جنس الرجال حتى أضحت تتجنّب التعامل حتى في أبسط تفاصيل معيشها اليومي... و إن إضطرّت للتعامل مع أحدهم كانت تبني جدارا فاصلا بينها و بينه... فكلّ الرجال الذين عرفتهم في حياتها لم يكونوا مثالا طيّبا... بدءاً بخالها الذي كان سجانا و جلاّدا بالنسبة لها وصولا إلى طليقها الذي أعدم طفولتها و دنّس براءتها و جعلها تعتزل حياة القلب مبكّرا... لكن إحساسها تجاه "آسر" مُختلف جدّا... فعلى الرغم من أنّها لم تُقابله سوى مرّة واحدة و رغم أنّه تجاهلها حين إتّصلت به، إلاّ أنّ لذكر إسمه وقع مخصوص في وجدانها... أسلوبه الإستثنائي الذي تسلّل به إلى عالمها... باقة التوليب الأبيض التي أهداها إيّاها... حتى تجاهله لها... كلّ هذا يجعله ساكنا في أفكارها... لا يُبارحها و كأنّه مُحتلّ عتيد يأبى تحرير أرض فؤادها من سيطرته.....
كانت بصدد إختيار ورق الجدران من أجل أقسام المدرسة و فصولها حين رنّ هاتفها و كان المتّصل رقما مجهولا.... لم يكن رقما شخصيّا بل رقم هاتف قار فذهب إلى ظنّها أنّه إتّصال يتعلّق بشأن المدرسة و لكنّ توقّعها لم يكن في محلّه... فما إن ردّت على المتّصل حتى إتّضح أنّه إتّصال وارد من جمعيّة نسويّة تطلب منها تمثيل تونس في مسابقة عالمية للتصوير الفوتوغرافي موضوعها المرأة المستقلّة... لقد إرتأوا في مسيرتها المهنيّة خير تمثيل للمرأة العربيّة التونسية المستقلّة... لم تتردّد للحظة واحدة في قبول العرض... لقد أسعدها إختيارهم لها... كانت في غاية الفخر بنفسها و بما وصلت إليه رغم المصاعب التي واجهتها منذ نعومة أظافرها... كانت مُمتنّة جدّا لهذه الهديّة الحلوة من القدر... تملّكتها الغبطة بفضل هذه المشاركة الشرفية التي ستمثّل من خلالها بلدها و نساءه... كانت سعيدة و لم تكن تعلم أنّ القدر يُخبّئ لها مفاجأة من نوع خاص...
يتبع
منال عبد الوهاب الأخضر
منال عبد الوهاب الأخضر
Website Design Brisbane