Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

ماخيبك!

intolerance-societeZineb Haddaji - زينب هداجي

"ماخيبك!" رماها أحد المارة في وجهها وهي تتوجه ذات مساء لإحتساء القهوة مع صديقتها بإحدى المقاهي السياحيّة التي تمنح أضواءها الخافتة بشرتها بريقا سحريا. واصلت طريقها وهي لا تسطيع تفسير تلك العبارة "ماخيبك".

هل هو إحتجاج على الخلق الإلهي أم غيرة على الذوق و المظهر العامين أم حرص على مقاييس الجمال؟ إنّها حقا لا تعرف. توقفت فجأة... نظرت إلى وجهها في شاشة الهاتف... تلمست أطرافها في فزع...

إلتفتت إلى الخلف باحثة عن صاحب العبارة. لا تعرف حقا ماذا تريد منه أو الأحرى ماذا يريد هو منها؟ لماذا لم يلبث قليلا لعله يخبرها عن مبعث إنزعاجه ويقترح عليها حلا لإزالته. إنها لا تقوى على إرتكاب الذنوب ثم عدم التكفير عنها...

أكملت الطريق نحو المقهى وهي شاردة الذهن... تسافر مقلتاها إلى عالم الذكرى: تتكالب كل عبارات السّخرية التي ألقيت عليها منذ أن كانت طفلة لتجلد كالسياط ذهنها الذي أنهك من فرط البحث عن لغة للتواصل مع هذا العالم. وصلت إلى المقهى... جلست إلى طاولة بمحاذاة الشارع... أشعلت سيجارة وأخذت تتأمل أناملها الرقيقة وهي تقول: " ألا يفهم هؤلاء لغة الأنامل؟" سؤال بدا أكثر عبثية من الإجابة عليه... خيرت أن تدخن سيجارتها التي تعزف لها لحنا يخفف من صوت النّشاز في عالم يسلب حق الحياة لأناس لأنهم مختلفين...

لم تصدق يوما وهي تقرأ الأخلاق عند "كانط" و تحلل لوحات "فون غوغ" أنها ستتأثر بعبارات العامة وذوقهم في الجمال و أبعاده. إنها أصبحت تدرك منذ مدة أنها إمرأة جاهلة بأبسط متطلبات الأنوثة . أصبحت تصدق فعلا إنّها "خايبة". أقبلت صديقتها... طلبتا قهوة و انخرطتا في حوار شيق و ممتع... امتلأ الفضاء من حولهما ضحكا... تألقت عيناها البنيتان بسحر عميق و غامض.

فرغت أقداح القهوة و فرغ كل الكلام... غادرت و هي تنتظر سيارة أجرة مرّ أحدهم... وجه بلا ملامح و قال لها "خايبة!" تنفست بعمقّ... نظرت إلى السماء و حيّت كل طير يحلق حرا... ركبت سيارة الأجرة و غادرت...

زينب هداجي
ماخيبك!