أسميت المقال بصانع الذوق وأنتم كقرّاء ستعلمون سبب التسمية حين إستكمالكم لقراءته. سادتي القرّاء، الكلمات تستفز قلمي دائما ليخطّ لكم وقائع الأشياء المسكوت عنها في بلادنا ، ليطلعكم على مسارب الجمال وليزيح الضباب من على مداخلها لتغدو جلية واضحة أمامكم.

سأتكلم اليوم عن ريشة أبدعت لسنين في إظهار مواطن الجمال وفي ملء العيون بكل روعة وبهاء رغم العراقيل التجاهل والسكوت ... سأفصح بكلماتي التي قد لا تكفي عن أنامل عملت بكل جهد صاحبها على ملامسة كل المجالات فنيا وشكليا ولونيا لتقدم للجمهور أجمل اللوحات وأعمقها وأبلغها رسالة.

لن أطيل التقديم لأن اسمه يقتحم الكلمات ويتجلى في كل عبارات الجمال والبهاء ، هنا اتكلم عن الفنان التشكيلي العصامي التونسي عبد لرحمان دلدول أصيل منطقة طوزة و لاية المنستير لكنه متجذر في كل شبر من الوطن بفنه وأصالته. هذا الفنان الذي تخطّت أنامله كل الحدود، ففنّه لم تقيده السنين ولم تشترطه المؤسسات وألوانه لم يغطيها ضباب التجاهل والنسيان، بل كانت تشع لتنير العيون. دلدول صاحب اللقب الفني الفريد بدأ حياته الفنية منذ صغره ليتي على كل أساليب الواقعية في رسم الطبيعة وسرد وقائع الحياة اليومية بلمسات فريدة وبألوان مدهشة، لينتقل بعد ذلك إلى التعبيرية والإن طباعية من خلال تقديم أسلوبه وطاب عه الفني الخاص به، ومنه إلى التجريد ليقدم لنا تركيبات فنية مدهشة تستفز المشاهد وتدعوه للغوص في أركان اللو حة بحثا عن رسالة الفنان الكامنة في التفاصيل.

و من خلال هذا التجري د كانت إحدى لوحات الفنان دلدول هي الفائزة بالمركز الأول ضمن بطولة العام للمبدعين العرب لعام ثمانية عشر وألفي ن ليرفع الفنان راية الوطن عاليا. ورغم النج اح لم يكبح دلدول جماحه الفني وظل في سعي للرقي بفنه نحو العلى ليفاج ئ الجمهور أخيرا بمشروع فني جديد يقدمه كثورة على التيارات الفنية المستهلكة والمألوفة وكاتجا ه فني جديد وهو "فن محامل الشارع" ليخط ف يه الفنان تراث البلد و عاداتها وموروثها الث قافي على الملابس ليحوّل بذلك الفن من الثبات والمركزية إلى الحرية والحركية وليلامس كل الواقع بجوانبه من خلال أعمال فنية تجاوزت الروع ة تسحر عين المشاهد وتنذر بالرقي في مجال الفنون التش كيلية التونسية لتكتسح أرجاء العالم بتيار فني مستجد وبمحامل فنية متفردة وبأشكال وألوان ساحرة. ولا يفوت أحد أن مشروع عملاق بهذا الحجم يستحق دون شك الدعم المعنوي والمادي من وزارة الثقافة ومن كل أركان الحكومة التي ستفتخر به من جديد حين يحلق اسم الفنان بين الدول حاملا راية الوطن .