رفعت شعرها عن وجهها بسبابتها و من دون أن تنظر له سألته بكل برود و إنكار و إستهتار :ماذا قلت ؟

نظر لها مستغربا من التغير الذي طرأ عليها و على نبرة صوتها :أ لم تسمعيني رماح ! قلت لك هل تقبلين الزواج بي ؟

أدارت له وجهها و قد بدت ملامحها باردة لا توحي بشيء لا بغضب و لا فرح و لا أي شيء كأنها جثة فقط ،جسد بلا روح و قالت : و لماذا الآن ؟ مازال هناك متسع من الوقت و من الحياة أمامنا.

أجابها و قد بدا مستغربا من سؤال كهذا من حبيبته: حتى تصبحين ملكي أمام الجميع و حتى لا يضرك كلام الناس أو أتسبب لك بمشاكل و لكي أبرهن لك صدق حبي و طهارة نيتي .
"أنظر حبيبي ،أنا اسمي رماح ،كسرة تحت الراء و في قلبي ،فتحة فوق الميم و في فكري ،آلف للتآلف و سكون فوق الحاء و في ظاهري ،أحب الريف و ولدت في الطبيعة ،أنجبتني أمي في لحظة حب و ليس ضعف و غادرني أبي في لحظة رجولة و ليس خشونة كسرني أبي بالراء و فتحت أمي زهرتي و حديقة قلبي بالميم ،للماء انتمي و للطبيعة أنطوي ،أحب الجبال و أهوى البحار ،في زواجي حبيبي أريد أن تزغرد لي العصافير و تصفق لي أوراق الأشجار ،أشتهي أن أفترش التراب و أتخذه منصة ،ستزينني نفخات الريح و النسائم الرقيقة و سأتعطر لك برائحة الكتب و عبق الحبر و شذى الورود ،سنتآلف بالآلف و تكون ألفتنا في غابة مليئة بالقطط و العصافير و حتى الأرانب ،سنكسر سكون الحاء معا ...

عشرينية الهوى أنا ،سأحبك لأجل الحب و أتزوج بك لتتويج الحب لا للزواج الذي يسكن عقلك ،سأت زوجك و لكن دون قيود دون حواجز تمنعني من حبك ،لا الناس تهمني و لا المشاكل الكلاسيكية تقلقني ،أحببتك لأجل الحب و سأتزوج بك لأجل الحب لا لأنه حان وقت الزواج في مجتمعك و لا لأنك تريد الإستقرار و الصغار ، سأتخذ كتابا مهري و قصيدة منسية أنشودة زواجي ،سنمضي على كتاب بنده الحب حتى الممات و بعده و لاورقة بندها التشارك في الأملاك أو التفرقة ... اسمي رماح رزقت بالراء ،مزقت بالميم،ابتعدت بالآلف و بالحاء حرمت ،أنا فتاة مجنونة غير صالحة للزواج في مجتمعكم ،أحب الكتب و عبق الكتب و كل من كتب ،لقد خنتك عديد المرات فقد ضاجعت آلاف أبطال الروايات و أحببتهم جميعا بلا استثناء و كلهم خائنون ما إن وصلت نقطة النهاية و أقفلت الرواية حتى غادروني و ها أنا أعترف لك ،فهل أنت مصر على طلبك هذا ؟

"ماذا تقصدين بأنجبتك أمك في لحظة حب و ليس ضعف !"

"أقصد أنك غير مؤهل للزواج  بي ،لم تنضج بعد يا صاح ... !"