Souhaila Faleh - سهيلة الفالح
أصابني صداع شديد، لم أستطع بعد التحكم في نفسي، تقيأت، نهرني الحارس و قال بعض الكلمات المسمومة، لم تكن مسمومة بقدر الوجع و الدوران الذي تملكني، لو كان بمقدورنا أن نتقيأ بعض الألم أحيانا لكنا بأفضل حال،لم أتعود بعد على ركوب السيارات مسافة طويلة و خاصة إن كانت سيارة مغلقة لا ينفذ الهواء إلى داخلها، سجنوني و منعوني حتى عن الهواء، طلبت من الحارس بكل رفق أن يزيح بلور السيارة قليلا حتى أستنشق القليل من الهواء و أستفيق قليلا من الدوران، أزاحه قليلا قائلا " من يخطئ يدفع الثمن" .
حقاً من يخطئ يدفع الثمن، الكل يخطئ لكن يدفع الثمن إلا من كان لا يملك إلا دعوات أمه و حب أبيه و لا يملك طائلا من المال حتى يُغفر ذنبه و كأن شيء لم يحدث...الطريق طويل،طويل جداً، أعرفه أعرف هذا الطريق جيدا، يلوح لي عن بعد بناية بيضاء مسيجة وحيدة، مسجونة كمن يسكوننها، على الطريق لا يوجد إلا شجيرات زيتون، حُكم عليها بالسجن أيضاً في هذا المكان القاحل، الجاف، الموحش، بناية وحيدة في أرضٍ لا تستطيع أن ترى حدودها، شاسعة و مخيفة، لا أدري ما الذنوب التي تلحق بمن قرر بنيانها هنا، تفنن في تعذيبنا و في تعذيب أهالينا، تسائلت في داخلي أ كانت أمي قادرة على المشي كل هذه المسافة الطويلة و هي تحمل "القُفة"، كنت أحاول أن أتأمل الطريق لكني تألمت لمشاهدته بدل التأمل، الدوران لم يذهب في حال سبيله بعد،سيكون رفيقي هاته الليلة.