Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
اليتيمة #1
Souhaila Faleh - سهيلة الفالح
كان يوم يطغى عليه الرعد و السحاب و الأمطار، كانت المطر عنيفة لدرجة أن دخلت بيتهم الذي يفتح على القبلة، قامت مريم تمسح القاعة و تحاول أن تسيطر على الوضع و كمية المياه التي دخلت إلى بيتهم الوحيد، في الركن الذي على اليمين كانت هناك قارورة غاز و أواني و قدر يميل لونه إلى الأسود، قدر قد تركت عليه النار بصماتها حتى صبغته و غيرت لونه من الرمادي ، لون النحاس إلى لون أسود داكن،
كانت مريم كلما نظرت إلى القدر رأت مجرى حياتها الذي تغير مثلما تغير لون القدر، و في الركن الذي على اليسار كانت هناك طاولة عرجاء، طاولة بلاستيكية بيضاء و ساقها الرابعة كانت من اللوح و كان فوقها 5 مخدات و 2 أغطية شتائية اللذان بقيا في الحقيقة من جهازها عندما تزوجت و كان هناك garde robe قبالة الطاولة، و زربية مفروشة في وسط البيت كانت قد لحقتها المطر، ريان ابنها كان جالس تحت النافذة التي من الجهة الشرقية و يرتعد بردا بالرغم من عدد الأغطية التي غطته بها، الحقيقة أن الأغطية كانت بالية قد ترك عليها الزمن أثره ,
كان ريان يبحر بعينيه في كامل البيت كأنه أول مرة يراها هو في الحقيقة أول مرة ينزل فيها المطر في بيتهم الجديد، حين أخبرته أمه بأنهم سينتقلوا للعيش بمفردهم في بيت جديد كان يظن أنه بيت حقيقي يصبح مأوى له حين تنزل المطر و يحميه من البرد و لكن أوهامه أزيحت عند أول مطر نزلت،تحول البيت إلى بحيرة و ليس إلى مأوى و قد كانت أمعائه التي تعتبر فارغة تزقزق فكيف لصغير بعمره أن يحتمل هذا البرد و الجوع معا، إلا أن مريم كانت تزيح الماء بكل ما أوتيت من قوة دون الإحساس بالبرد أو الجوع ، مريم إمرأة ثلاثينية قد فعل فيها الزمن فعلته، توفي والداها و أخويها في حادث سير لم تنجو منه إلا هي نجت من الموت لكنها لم تستطيع أن تنجو من الحياة، حين توفيت عائلتها الصغيرة كانت تبلغ إثنا عشرة ، منزل والديها قد افتكته الدولة لأن على كاهل والدها ديون لم يسددها قبل موته، وجدت نفسها تعيش مع بيت عمها، لم تحتملها زوجة أبدا و منذ أن دخلت منزلها كانت تتذمر و تلعنها لأنها تعتبرها فتاة ملعونة و وجودها في بيتها يمثل خطر على ابنتيها لأنها منحوسة، لم ترتاح أبدا إلا بعد خروجها من البيت، اضطر عمها أن يزوجها لإبن صديقه الذي نال إعجابه جمال مريم و تربيتها،
تزوجت مريم و هي في الثالثة عشر من عمرها، لم تكن تفقه شيء و لا تعرق حتى ما معنى الزواج، كانت تعين دائما زوجة عمها و تقوم بغسيل ملابس بنات عمها و تنظيف بيوتهن دون أن تتذمر يوما، لم تتذمر لأنها آمنت بأنها خلقت لمثل هذا، لم تحلم يوما أن تواصل دراستها أو تحقق هذف في حياتها، كان تظن بأن اليتم ذنب هذا ما جعلتها زوجة عمها تظن، لا حق لليتيم في الدراسة، في الخروج من البيت،في السفر..و لا في أي شيء...
Website Design Brisbane
Tags: