طالما بحثت عنها ، و لم اجدها ... و كانت الصدفة اليوم ...

تلك الفتاة ... بل العجوز ... لنقل الانثى...

تلك التي تقدر على اكتساب لقب آلهة الانوثة و الجمال ، عشتار زمانها ، و المكان .

كنت منبهة للحديث الدائر بين أصدقائي في المقهى ، نوعا ما ، فالموضوع يصيبني دوما بالغثيان ... و ارمق الداخل و الراحل عن ذلك المكان بدون انتباه ... الى ان بانت هي  ..

ستون عاما مضت منذ ولدت هذه الآلهة و ربما اكثر ... ستون عاما دون ان يتسنى لي رؤيتها و الاستمتاع بهذا المشهد .

بكل شموخ أتت ، اتخذت لها مقعدا مع رفيقتها  كنت ألعن كل شخص مرّ بيننا و حال دون رؤيتي لهذا الجمال ..

رفعت سيجارتها ، حركات متزنة  ثابتة رغم الكبر ..

لم اقدر على استراق السمع لكلامها  ... لكني اكتفيت بمراقبة الشفتين تنطقان بحروف تمنيت لو استطعت سماعها ..

حتما هي تسخط كل الرجال الذين مروا من حياتها ، كل الاكاذيبهم  التي لم تصدقها يوما ، و كل الذين تضرعوا باكين تحت قدميها ، و اختارت جنتها بعيدا عنهم ..

حتما هي تكرر "كلهم منافقون يا عزيزتي "

هذا ما أظن ...

كيف كانت هذه الجبارة في سن العشرين ، حتما لم تكن أكثر فتنة من اليوم ، عيناها الصغيرتان اللتان تضيقان كلما مر دخان سجائرها من امامها ، تجاعيد وجهها المتشعبة و الحجاب الأبيض

الذي زاد من نصاعة محياها ، كل مافيها فتنة ...

تمنيت لوهلة لو كنت ذلك الشيخ الذي ظفر بها بعد فيلق الذكور الذي ترجاها علها تكون ملكا لأحدهم ...

ماشعور شخص تحدثه هذه الأسطورة بصوت دافئ هادئ يتقاسمان مقعدا حذو   شجرة ياسمين مسنة ، تطايرت اوراقها ...!!

و لم أظفر بدقائق اخرى ، رحلت خليفة عشتار ... و لم ترحل صورتها من خيالي ..