اتذمر كثيرا... كثيرا... أرهق كل من حولي بتذمري... اشتكي من القلق و الروتين باستمرار... أصبح الكل يحفظ ساعات نومي و استيقاظي... لأني ما إن افتح عيني حتى أطلق لساني بالشكوى....حفظ الجميع ساعات خروجي من المنزل.. لأني ما إن امل أسرع احثهم على مرافقتي إلى المقاهي....يعتقدون أنهم يعرفونني جيدا....كلماتي التي تتكرر كثيرا... اماكني المفضلة... محطات سيارت الأجرة التي تأخذني إليهم و تعيدني إلى منزلي... مواقف الحافلات التي انتظر البعض أمامها... الشوارع التي اتمايل بينها لأصل إلى مجالسهم....النكات التي تضحكني... الاخبار التي تصل مني إليهم و منهم إلي....

حفظوا احذيتي.... ألوان ملابسي المفضلة.... طريقة دلالي إذا ما أردت شيئا.... نظراتي إذا ما غمزت أحدهم... قصصي القديمة.... حكاياتي الجديدة... يعرفون عني كل شيئ.... يعرفون كل شيئ الا حقيقة ما بداخلي....يعرفون صورتي التي يرونها و لكن تغيب عنهم الصورة التي تقابلني كل يوم في مرآتي.... صورة مهزوزة... مشوشة.... ضبابية الملامح... مكسورة الابتسامة....صورة قاسية لفتاة تخنقني... تمزق اجزائي كل ما اختليت إليها...تجرحني بنظرة لم تنطق بها عيناي أمامهم....تمسك عنقي بيدين لا قوة لهما... فأبكي و تبكي....

اضعف أمام ضعفها فأموت لحظة بعد اللحظة... اهرب من نظراتها إلى سقف غرفتي فأجدها معلقة هناك أيضا.... جثة تتدلى تناديني أن إنقاذها أو أنظم إليها....تصيبني بالهلع... بالجزع.... بالخوف... انكمش على ذاتي أكثر.... يدب الرعب في... اخاف من نفسي... هذه التي تطاردني.... ترمي بمبدأ أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة و تحثني على الاستقبال الموت... اللانهاية.... تخبرني انها الخلاص... تضيق حيطان غرفتي بي....تختبأ دموعي في حنجرتي... تتكوم....تتكور....امسك هاتفي اشتكي لهم روتين يومي... تسبقني ضحكاتي إلى أذانهم....يخترق تذمري المعهود أذهانهم.... ادعوهم للخروج... للتنزه... للمقاهي... أغلق باب غرفتي تاركة صورتي محبوسة في مرآتي... أهجر الفتاة المعلقة في السقف بين تنهيدة خلاص و أخرى.... ابتلع دموعي....انزل درج منزلي رامية مع كل خطوة فكرة سوداء...ثم اسلك الشوارع التي يعرفون اني اتمايل في ثناياها لأصل إلى مجالسهم...

اقصد محطات سيارت الأجرة التي تأخذني إليهم... إلى مقاهي المفضلة التي يعرفونها جيدا... اسمعهم الكلمات المنمقة التي حفظوها و قصصي القديمة و ضحكاتي و حكاياتي الجديدة....التقط معهم صورة لفتاة مبتسمة على الدوام، ضجرة كثيرة التذمر كثيرة الدلال....فتاة يعرفونها جيدا....ثم أعود إلى منزلي... إلى غرفتي... لفتاتي... لمأساتي.