Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

أُحِبُّكِ لكن..

short-story-about-loveEzzedine Choiya - عزالدين شوية

أتسكّع وحدي تحت المطر أعانق غيمة و أصافح أخرى، أمشي معتدلا خوف السقوط حتى تعثر قلبي أمامها. من شدة حرصي نسيت من أكون و كيف يجب أن أكون في ذلك الموقف! حُلوةٌ، تقابلت أعيُنُنا دون سابقِ إنذار. تلك اللّحظة التي هيّئها القدر لمّا تُهت مع شعرها الأسود، كانت قطرات المطر تغازله و تتسلّل بين الخصلات. مُسرعةٌ تعبُر الشارع أمام منزِلهم، كلُّ ملامسة لجسدها مع المطر كانت ملحمة. وأنا الذي كنت متشوّقا أن أعثر عليها، ها أنا ذا بلا حراك! أردت أن أُعيرها مطريّتي إلّا أنّني كنت تائهًا حينها و نسيت أمرها. تمنيّت لو أعرتها نفسي و دثّرتها في تلك الثواني لأندمج مع جمال تفاصيلها و تُباركنا الأمطار، أن أكون لها دفئًا و أُسكنها بين ضلوعي  فإذا سألتْ عنها غيمةٌ وجدَتْها محتميّة بداخلي. بحثت عن قلبي فوجدته عندها و عقلي أيضا تمرّد و انضم إليها. صرتُ جسدًا بلا حواسّ، حائرا من يكون و ما الحلّ، و كيف السبيل إلى الخلاص!

جثّة بقِيتُ أمام عتبتِها أنتظر نفسي حتى تعود معها وتعود هي إليّ.

والآن من أنت!

أنا الذي تعاقبت عليه غيوم الخريف حتى أزهر في أرض عينيكِ و اتخذ ضحكتكِ جرسا يُقرع داخله مُعلنًا شروق حبّ أبديّ.

أنا الذي وجدت بين راحتيك الأمان يوم ظننت أنّني مضطهد.

أنا كنت بعض أسئلة حائرة على شفتيكِ و تهيّئات و صور مرسومة في عينيك.

صرت أتنفّسك كل لحظة و أخاف انقطاعك. أذكرك أكثر منّي لأنّك في الأصل أنا، أدعو أن تظلّي رفيقتي. أنتِ التي حررتني من وحدتي و رسمتِ لي وطنًا في هذا العالم كنت أجهله زيّنتِه بقُبلات صادقة و أحضان دافئة، بضحكات خافتة و ابتسامات بريئة، بقلب نابضٍ بالحب. روحك الجميلة صارت عاصمتي. رممتِ خرابي و أيقظتِ نار الحبّ التي كادت تنطفئ لو لم أعثر عليك.

تعالي أقبّل عنقكِ الطويل حيث تزهر بساتين اللوز على غير فصل، تلك الشامات المتناثرة فوقه كحبات الصنوبر ما هي إلاّ مواضع تقبيل.

أقطف عناقيد العنب من عينيك.

أستريح تحت ظلال شعرك.

أتنفس عطر جسدك المجنون.. حتى أتخدر بك.

من قال أنّ المرأة ليست وطنا مازال لم يجرّب طعم الانتماء إلى فاتنة مثلك.

أنتِ حقيقة لا مفرّ منها و أنثى لا أهوى بعدها.

أنتِ كل الخواطر التي مرّت على بالي من يوم كتبت والأحاسيس الصادقة من يوم وقعت و انهزمت.

أمام سيف عينيك، أنا جنديّ قد أعلن استسلامه و طلب اللجوء إلى قلبك.

فلا موطن لي إلا أنت، و لا منفى أكمل فيه ما تبقى لي منّي إلا أنتِ.

ارحمي طول المسافات بيني وبينك فليلي قد غزاه الحنين.

أُحبّك لكن تفصِلني عنك شُرفةٌ و عشيرة لا تفقه في الحبّ.

أُحبّك و تلك النافذة مغلقة منذ مدّة.

حربٌ تدور داخلي..

هل أنتِ مريضة!! لا تريدين رؤيتي ربّما!! هل نسيتِ موعد لقائنا!! عاصفة من التساؤلات كادت تقتلعني من هدوئي المعتاد.

موعدنا العاشرة ليلًا حين يُطلّ قمري عند رجوعي من المقهى لأمُرّ أمامكِ، أبطئ من خطواتي حتى أشهد إطلالتك من تلك الشرفة. على استحياء تهمسين باسمي مخافة أن يسمعك ذلك العصفور النائم في قفصه فأنت
تشبهيه إلى حدّ ما أو أن يشي بك صوتك إلى أحد المارّة الانتهازيين و يُعلنَ عليك حظر تجوّل ولا يكون لي حظّ معك مجددا.

هكذا كلّ ليلة يطلّ البدر ملتحفا بسواد شعرك فهو الظلمة الوحيدة التي أعشقها. ثوانٍ من التأمّل فيك كفيلة بإحياء روحي آلاف المرات. تقويمي يبدأ من رموش عينيك و تزهر ورود خديّك في كل الفصول، ملامحك ربيع لا يتغيّر
حتى و إن ضحكت زاد الربيع اخضرارا. شفاه ناعمة كالحرير، أنوثة تُدقّ لأجلها طبول الحرب و رقّة في الكلام تخمد نيرانها. كلامك همسات ضائعة من أوتار عود. بسيطة أنت إلى أقصى الحدود لكنني أعشق بساطتك، تفاهتك

الصبيانية أيضا أعشقها حد الجنون.

كيف لفتاة مثلك أن لا تُحبّ في الثانية أعوامًا!

كيف لقلب مرض بك أن يُشفى!

إلى متى ستظلّ تلك النافذة مغلقة و العين تدقّ عليها بنظرات اشتياق!

رغباتي نحوك محرّمة و بريئة. إنّ بي شغفا إليك يقودني إلى الهلاك، رغبة مستمرة فيك في كل تفاصيلك و أسرارك، حرب لا ينهيها إلا سلام تعلنه شفتيك و تكون تلك الشّامة فوقها شاهدًا على المفاوضات. جسدك هو الوطن

الذي ستزهر فيه كتاباتي و تتعطّر بأنفاسك لكنني أخاف الضياع بين تفاصيل جسدك الفاتن، فكل ما ينقصنا هو لقاء و قهوة و حرب.

مشاعرنا كلها متداخلة ولا نعلم إلى أين ستأخذنا لكن معك متأكد أنها ستأخذني إلى مكان يستحقّ التواجد فيه..

عزالدين شوية

أُحِبُّكِ لكن..