كأن ألم الخذلان جند من جنود الله..و كأني به بمثابتة خليل الله إبراهيم و هو يحطم الأصنام و الناس نيام في قلبي..أو بمثابة رسول الله محمد و صحابته و هم يفتحون مكة و يكسرون الاصنام فيها و يطهروها تطهيرا أمام الملإ..
تلك المشاعر العميقة..مشاعر الحب و الولاء و التعظيم و الوفاء التي وهبتها لاحباءك فلم يكونوا أهلا لها و لن يكونوا اهلا لها أبدا حتى و لو توهمت ذلك..
كل ذلك الحب الذي يفوق حبك لنفسك و الذي قوبل بالأنانية و الظلم..
كل ذلك الإخلاص الذي كان لغير أهله..
كل ذلك التعظيم و الولاء الذي قوبل بالقسوة و الجفاء
كل ذاك التنازلات التي لم تأخذ بعين الإعتبار..

كل ذلك الشوق و الدموع و التمسك و الاستماته في إبقاء من تحب و التي قوبلت بالبرود و عدم الإكتراث..
كانت جنود الله لك..
عليك أن تعلم أن قلبك ملك لله وحده و هو به أولى و لو وهبت قلبك لما سوى الله حتما ستعود مخذولا موجوعا متألما مهموما..
كل ما سوى الله ليس بأهل..
و لم تكن تلك الإبتلاءات إلا لالتمحيص و كشف الغطاء للتتبين أنهم ليسوا أهلا أن يكونوا مركزا لاهتماماتك و عاطفتك وولاءك اللا المتناهي..
و الذين آمنوا أشد حبا لله ..
نعم كان إقتلاعهم من قلبك مؤلما جدا..لم يكن هينا..
فقد كنت تعظمهم و تعيش لإرضاءهم حتى على حساب نفسك..و لكنه الوهم ياصديقي..
و تلك الصفعات التي تلقيتها كانت لتستفيق من وهمك..
و تعيد ترتيب اولوياتك..
و تصحح قبلة قلبك..
فقلب المحب المؤمن المخلص بيت الله و عرشه..
و لا يصح ان يشاركه أحد في عرشه..
لم تسعني سمواتي و أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن..
و كأني برسول الله يفرغ قلبي مما سوى الله..
كان رسول الله يفرغنا و يملينا..
و كأني به يجمع جيشا و يقيم غزوات في قلبي لأعلاء كلمة التوحيد فيه..
فكلمة التوحيد ليست كلمة تنطقها بلسانك و قلبك مشغول بسواه..كلمة التوحيد لا تصح إلا بعد أن تتحقق بها..بعد أن تعلم بقلبك أن لا الاه الا الله..
لا محبوب غيره..لا غاية لك سواه..لا ملجأ لك إلاه..لا طاعة و لا ولاء لأحد قبله..

كانت حروبا طويلة فيها دماء و أشلاء و رؤوس تقطع و أشلاء تتناثر..فيها آلام و أوجاع و غصة و مرارة..
لم يكن الأمر هينا..
سنوات من العذاب النفسي و الألم و الخذلان و الصدمات و الخيبات المريرة و البكاء الطويل و الوجع المرير..
كل ذلك ليفرغ قلبي مما سوى الله جل في علاه..
فهو الاحق و الاجدر به..
قال سيدي عبد القادر الجيلاني كيف تصح لا إلاه إلى الله و في القلب صنم..
كانت دروسا قاسية أرجو أن تكون الأخيرة..فلا طاقة لي بمزيد من الاوجاع..حقا..
ربي ها قد أتيتك بقلب فارغ مما سواك موقن بأن لا أحد جدير به إلاك.. مستيأس من خلقك.. راغب في جنابك..
فارغ من الاحلام و الاوهام و المحبوبات..فارغ من الدنيا و من الآخرة..فأغمرني بمحبتك..
وأخرجني من الأكوان..فك قيدي و خلصني من سجني..فلا راحة لي إلا بك..
و لا غاية لي سواك..و لا أمل لي إلا فيك..
إلاهي لا راحة لي إلا بحبك و لا معنى لوجودي أصلا الا بحبك..فأرزقني حبك..و أجعلني من أحب المحبين لك..يا ودود..
إلاهي لا يكون من الكريم إلا الكرم..
فأنتشلني من الاكوان لحضرتك..و من غفلاتي إلا حضرتك ..
حبيبي ربي لا أطيق وجودي بلاك..و أنت معي حاضر و لكني غافلة غاءبة محجوبة بآلاف الحجب..
فأخرق لي الحجب و خذني إليك و لا تكلني لنفسي أو لغيرك..يا حنان يامنان ياعظيم الجود و الإحسان..
إلاهي إرحم فقري إليك رغم غناك عني..و أرحم عجزي رغم قدرتك عليا..
إلاهي كن لي و لا تكن عليا..
من لي سوك و من سواك لي..