تحاصرها أحلامها التي لن تتخلى عنها، لم و لن تتخلى عنه كذلك و إن أصبح جثة هامدة ستكون قبره المنسي المتروك، تقطع إجتماعاتها و حواراتها الإعلامية لتتفقده و تطمئن عن سير أعماله و تذكره بحصة الرياضة،  هي تعرفه جيدا: يلتزم فترة و ينظبط ثم يترك كل شيء و يغدو مهملا يقضي 24 ساعة في اليوم بين النوم و المطبخ،  لا يهم فهي تتحمل سوء مزاجه و تقلبه،  تتحمل أصدقائه اُلذين  يكبون  المشروب على سجاد قاعة الجلوس ...

بعد سهرات طويلة مع رفاقه كانت تحمله إلى الحمام  ، تغير ثيابه و تضعه  على السرير ليستسلم في نوم عميق لكنها تحاول إنهاء ما لديها من تقارير و دراسات لتدقيق و برامج جمعية للإعداد،  ساعة  تفصلها على بداية يوم منهك  بفكر مشوش عن زوجها ، خائفة أن تحمله أفكاره إلى حانات العاصمة،  هي لا تهاب انتظاره هناك  أو رحلتها  الطويلة في البحث عنه: شارع قرطاج،  نهج مرسيليا.....

المهم أن تجده و الأهم أن يكون بخير ، لا تهتم أن يقفز أمام سيارتها أحد قاطعي الطرق  بل خوفها الشديد أن تجد زوجها متشاجرا مع أحد السكارى،  و هي تبحث عنه تذكرت أنها سجلت يوما رقم نادل إحدى الحانات،  اتصلت به و طلب منها الحضور لأن حبيبها بدأ في الغثيان لأن ما تناوله من مشروب تجاوز المعتاد،  وصلت فخرج لها أمام السيارة في حالة يرثى لها بثياب ملوثة،  أخرجت قارورة الماء،  غسلت وجهه،  لم تلمه ، عانقتة و نزلت على خدها دمعة  ...تأملها و قال: "لم أحبك يوما فلما أحببتني كل هذه السنين "

أجابت بجملتها المعتادة منذ أربعين سنة:

"المهم أن تكون بخير "