Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
ركين #43
مضت أربع و عشرون ساعة على لحظة المواجهة الثلاثية التي جمعت بين جميلة، آسر و رجب كانت نتيجتها إصابة الأخير بذبحة صدرية جراء ما إكتشفه من حقائق أدرك على إثر معرفتها أنّ حياته تسللت من بين يديه كما تتسلل حبات الرمل بين الأصابع....أربع و عشرون ساعة كانت كفيلة بإتمام أوراق السفر الخاصة بركين...
لقد كانت وجهتها هذه المرّة ميلانو كي تشرف على ديكور الفندق الذي أُعجب صاحبه بعملها في معرض مكسيكو...فبعد أن شحنت مجموعة التحف التي إشتغلت عليها خصيصا من أجل ذاك الفندق عبر إحدى البواخر المختصة في ذلك، حان وقت سفرها...
ستسافر هذه المرّة و يبدو أنّ سفرها لن يعرف طريق العودة إلى تونس بعد الآن...يكفيها ما حدث معها إلى الآن...لا ترغب حتى في التفكير في ما حملته لها الأيام الماضية من خيبات...ما يشغل بالها الآن هو الشأن المتعلّق بأمل... إبنتها المتبنّاة التي ستصطحبها معها من الآن فصاعدا...لكن إتمام أوراق الثبوتية و الفيزا الخاصة بالصغيرة تحتاج بعض الوقت....
ستوكل أمر إتمامها للدكتورة سعاد التي سترافقها أيضا من الآن فصاعدا...لكن ما يصعّب رحيلها فعلا هو أنّ عليها أن تزور قرية كفّ الصبيّ للمرّة الأخيرة...عليها أن تفعل ذلك ، فقد بقيت أمل هناك لأنّ قرار رحيلها إلى العاصمة كان مفاجئا....كما عليها أن تودّع الخالة حليمة للأبد هذه المرّة.... ستودّع المدرسة و الفتيات كذلك...يبدو أنّ الوداع سيكون كبيرا و نهائيا هذه المرّة... أمّا آسر، فستحرص على أن لا تراه أبدا...يكفيها ما بقلبها من جراح لم يتوقّف نزفها منذ ذاك اليوم الذي إكتشفت فيه أنّها وقعت في غرام رجل محرّم عليها....أوّلا لأنّه إبن طليقها و ثانيا لأنّ والدته تكون مٌرضعتها...ما يثير حيرتها و يؤجج غضبها تجاه زوجة خالها حليمة هو أنّها شجّعتها على هذه العلاقة رغم معرفتها بكلّ ما يحول بينهما من عوائق و محرّمات...و لكنّها لن تكلّف نفسها عناء اللوم... و ستمضي قدما محاولة تجاوز ما حدث معها رغم صعوبة نسيان محطّة خالتها مرفأ أمان و ميناء سلام بعد ما حثّ بحياتها من مطبّات و حفر خرجت منها بعون الله سالمة و سيعينها الله هذه المرّة أيضا...
***** في المستشفى المحليّ للقرية، كان آسر قابعا في قاعة الإنتظار... لا يعلم سببا لوجوده هنا و لكنّه أيضا لم يستطع المغادرة بعد ما أصاب رجب أمام عينيه...لم يتوقع البتّة أن يكون الرجل الذي أنجبه ضحيّة أيضا... بعد ما سمعه، وجد نفسه متعاطفا مع رجل خذتله أمّه و تلاعبت بحياته و حوّلته إلى وحش آدمي يستغلّ ظروف الفقراء ليتزوّج بناتهنّ المراهقات ممتهنا عذابهنّ و كأنّه يفدي ثأره من حبيبته فيهنّ... ها هوّ جالس خارج غرفة الإنعاش، غير قادر على المغادرة دون أن يجد تفسيرا للأمر... يبدو المستقبل ضبابيا أمامه...مستقبل سيكون خاليا من ركين... كل ما إتّضح و ثبت أمامه هو أنّ إلتقاءهما في ذات الدرب مستحيل لا محالة...فلكلّ منهما خطّ سير موازٍ لخطّ سير الآخر...
يتبع
منال عبد الوهاب الأخضر
Website Design Brisbane