Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149
ركين #2
Manel Abdelwaheb Lakhdar - منال عبد الوهاب الأخضر
...سمعت رنينا حنونا يمرّ من قلبها إلى سمعها...رنين يشبه صوت أمّها الذي إشتاقته... صوت آت من أعماقها يقول أنّ أمّها فخورة بها... يخبرها أنّ أمّها معها و إن كانت في ركن آخر...يتعالى عن الزمان و المكان....
مرّت عشر سنوات على رحيل أمّها و مع كلّ يوم يزداد إحتياجها إليها... عبثت بخصلات شعرها البني القصيرو كأنّها تذكّر نفسها بأنّ الوقت قد حان للنجاح...للفرح و للإنطلاق في تجربة وجوديّة جديدة...نحو عالم جديد...بعيدا عن قهر خالها و من بعده جحيم زوجها الذي كان يكبرها ثلاثين سنة...هيّ الآن على أهبة الإستعداد كي تعيش...كي تتنفّس بنقاء بعد أن كانت تحاسب على عدد أنفاسها...هي الآن...هاهنا...تمشي رويدا رويدا على درب الحريّة...
تصنع نفسها من العدم و تخرج من براثن الماضي نحو مستقبل لن تسمح لغيرها بنحت معالمه.... قاطعتها مساعدتها " زينب " و هيّ تقبل عليها مبتسمة ...تكاد تقفز حماسا " عزيزتي...فنانتي ... أحد مديري أكبر الفنادق في ميلانو يريد مجموعة من التحف ليؤثث بها ديكور الغرف و كذلك اللوبي خاصّته...أمامنا الكثير من العمل...إسترخي و إرتاحي فنحن نمشي في طريق المجد "... إبتسمت " ركين " بهدوء... و كادت تقول أنّها لا تبحث عن المجد و لا عن المال و الرفاه...كلّ ما تبحث عنه هوّ ذاتها المفقودة و التي لا تدركها إلاّ من خلال الخزف...كادت تقول أنّها أخيرا بدأت تتلمّس الطريق نحو الطمأنينة و التوازن....كادت تقول ما باحت لها به نفسها و لكنّها تراجعت... فهيّ تعلم جيّدا أنّ " زينب" لن تفهم معنى كلماتها...صمتت عمّا كانت ستقوله و قالت " سأغادر الآن...سأتجوّل في شوارع المدينة...أجدّد طاقتي بعيدا أن صخب ثرثرتك اللّعينة " ...
خرجت من الجناح المخصّص لها في المعرض مسرعة الخطى حتى لا تعكّر مساعدتها مزاجها بتراهاتها ....خرجت من الفضاء المخصّص للمعرض و سلكت أوّل طريق رئيسي واجهها...إستوقفها محلّ لبيع الورود... راودتها رغبة ملّحة في إهداء نفسها باقة ...لكنّها إختارت أيّها تختار...فجميعها جميلة و هي تجهل أصناف الورود و أنواعها...شدّت إنتباهها وردة بنفسجيّة اللّون....تبدو خجولة لم يكتمل تفتّحها بعد.... و كأنّها قابعة هناك...بين البداية و النهاية...بين الحياة و الموت...بين الولادة و الفناء... تبدو كأنّها معلّقة بين السماء و الأرض...مثلها تماما...أرادت أن تطلب من البائعة أن تنسّق لها باقة هذه الورود البنفسجيّة و لكنّها تراجعت...فهّي بالكاد تتكلّم لغتهم المحليّة لذلك قرّرت أن تكلّم البائعة بالإنجليزية.... أعلنت طلبها للبائعة مشيرة إلى الوردة التي نالت إعجابها...فهّي تجهل إسمها...
فجأة..قاطعها صوت غريب...رخيم...قوّي...رنّان..." إنّها زهرة التوليب... زهرة الحب... تذكر إحدى الاساطير الايرانية أن شابا اسمه فرهاد وقع بحب فتاة اسمها شيرين وقد وصله يوما خبر موتها فما كان منه الا ان امتطى حصانه قافزا من على الجبل فلقى حتفه و حينما نزفت دماؤه كانت تنبت من كلّ قطرة منها زهرة توليب...فأصبحت هذه الزهرة رمزا للإخلاص في الحب... و يقال أيضا أنّ لكلّ لون من ألوان التوليب رمز مختلف....مثلا ...ترمز زهرة التوليب البنفسجيّة إلى المرأة القويّة الصلبة ...حتّى أنّها تلتف حول نفسها وتبقى منغلقة كالمرأة التي تحيط نفسها بهالة من الغموض خوفا من إنفضاح مشاعرها....و أنت تبدين كذلك...إمرأة غامضة...".....
Website Design Brisbane