ليلة شتاء دافئة نوعا ما، لا تزال تنتظره و لم يأت بعد ، مرّ أسبوع ، سبع ليالٍ ببردها و أمطارها و نيران المدفئة الملتهبة  كقلبها ...

هجرت منذ ايام النبيذ الذي لم تحبّه أبدا ، و في ليالي وحدتها ادمنت القهوة ، و استرجاع الماضي ، اصبحت شديدة العودة له ، لتذكر الخطوط العريضة له ..

تتذكر امّها ، تلك المرأة التي ترعرعت في الارياف قبل ان تسكن العاصمة ، فتركت الطبيعة على ملامحها لفحات قوة و براءة ..تذكر انها ايام المعهد كانت قد صدمت عند اعتراف احد رفاقها باعجابه بها ، و هي التي كانت تخفي عنه ذات المشاعر...

البرد لاذع بالخارج ، لكنّها لا تكترث كثيرا له . تنتظر ، تنظر لانعكاس صورتها الباهر في المرآة ، تعدّل أحمر شفاهها ، تسكب كأسا جديدة من النبيذ القاني الفاخر .. تتجه نحو الشباك لتشاهد قطرات المطر المنسابة على الزجاج ، كم تمنّت لو كانت حرّة مثلها ، لكنّها هنا تدفع ثمن الحرية المطلقة التي خاضتها .
تجوب بعينيها كامل الغرفة ، تتذكّر كلّ من تواتروا على ذلك الفراش ، لكن من تنتظره الآن ذو مكانة. خاصة، فهي تشعر لأول مرة انها تهوى شخصا ، بقلبها ، لا على قدر المبلغ المدفوع لها ... تبتسم و تكتم دمعتين كادتا تقفزان من عينيها الخضراوتين فتفسدان الكحل ...