Notice: Undefined variable: relatedArticlesCount in /home1/datalyz/public_html/tounsia/plugins/content/tags.php on line 149

في غيابك

femme-vit-seuleWiem Achour - وئام عاشور

في غيابك عادت اليَ ابتسامتي العذبة

الَتي هجرت محيَاي طويلا

عاد اليَ انبهاري الطَفوليَ بأبسط الأشياء

بعد أن جعلتني أنت أكبر وأشيب ألاف السَنين

عاد يغريني شروق الشَمس فجرا

وغروبها وقت الأصيل

انسياب الماء من الصَنبور أصبح لصوته خرير جميل

عادت رائحة المسك وعطر الياسمين تدغدغ

أنفي بعد ما ملأته رائحة غيابك البشعة


ما عادت رسومات قلوب الحبَ الطَافية في قهوة

الصَباح تستهويني

وما عدت أترشَف قهوة المساء كي أراك قابعا في

قعر الفنجان


ولم أعد أراك في كلَ مكان ولا أيَ مكان

أنت الذَي كنت ملك الزَمان المكان


في غيابك عاد اليَ بريق عينيَ المشعَ سعادة وحياة

بعد أن كرهت بسببك معنى الحياة


صوتي أصبح أجمل

وجهي أصبح أجمل

جسدي أصبح أجمل


عدت أردَد أغانيَ المفضَلة كلَ صباح


ما عاد الصَداع النَصفيَ الشَقيَ يباغتني في معظم الأوقات


لم أدرك الاَ متـأخَرة سبب اقترابك منَي

لم أدركه الَا حينما كعادتك أنت جبنت وابتعدت

واندثرت


أدركت لماذا كنت تبتعد حين ابتعادهم

لأنَك في النهاية كنت تقترب فقط عند اقترابهم

ومن أجل اقترابهم


الأن فهمت

أنَك أردت أن ترضي بي رغبتهم وأحلامهم

أفلم يكن لديك ما يغريك أنت من رغبة وأحلام

أردت أن تدفَعني ثمن خياراتهم

فهل كنت أنت عاجزا عن الاختيار


لم كنت ترسم صورتي عن طريق أفكارهم

فهل كانت تنقصك أنت الأفكار

لم كنت تراني بأعينهم

أو لم يكن لديك عينان تبصران


لم تكن مجبرا على حبَي فمن الذَي أجبرك

لم تكن مجبرا على الاقتراب فما الَذي أبعدك


يأمرونك بأن تحبَني فتلبَي

ويتراجعون فتكون أنت أوَل المتراجعين


أو تحبَ امرأة من أجل ارضاء الأخرين؟


في غيابك أدركت كم كنت غبيَة

حين اعتقدت بكلَ ما أوتيت من سذاجة الأطفال

وبراءة الجنيَات

أنَك أحببتني لما أنا عليه

بقلبك لا بقلوبهم،

فاذ بك لم تحبَ يوما بقلبك بل كنت تحبَ بقلوب الأخرين


ظننتك ترضي بي روحك وليس أرواحهم

ظننتك تدركني بعقلك وليس بعقولهم

لكنَك ببساطة جسد بدون قلب وبلا روح وبلا عقل


أنت رجل مسلوب الإرادة والعواطف

رجل بدون مواقف


لم أقحمتني في سوداويَات ماضيك المظلم

فغطَيت حاضري بالسَواد

ثمَ ألغيتني من مستقبلك الضَبابيَ الدَاكن المعقَد البائس

الَذي يسطَره لك الجميع

الجميع ما عداك أنت


كنت أظنَ أنَك سيَد رغباتك وسيَد قراراتك  وسيَد قلبك

لكن لا قلب لك ولا قرار


كنت أشكَ وأشكَ مرارا و تكرارا في سرَ  اقترابك

الغريب المبهم المريب

فلا أنت بعيد و لا أنت قريب


في غيابك تساءلت أتراه يقترب من حبَي ولأجل

حبَي أم من أجل الأخرين

و كنت أكذَب شكوكي و القلائل مبتسمة واثقة

بعيون تقطر حبَا وحنين

و كنت أمحو في غيابك و في حضورهم شكَي المؤلم الحزين

و ها أنا ألغي من ذاكرتي المتعبة حضورهم المزيَف

الذي كان يغطَي غيابك اللَعين


أنت ترى أسمهان كما ترى حنان كما رأيت جيهان

كما كانت هيفاء كما هي ياسمين تشبهها نسرين

كلَهنَ لك في الهوى سواء وكلَهنَ في الهواء

سواسية وسواء

كلَهنَ لهنَ عطر وثغر وشعر وكلَهنَ تكتب لهنَ

شعرا ثمَ تعرض عنهنَ غيابا وهجرا

ثمَ تهلكهنَ غدرا ... و قهرا


لم أرتدع حين حذَرتني من ظلمة حبَك الكالح

الذَي غطَى أحلامي ورديَة الظَلال


وها أنا في غيابك أرتدع وألملم شتات نفسي

وأتجرَع النَدم على كلَ ما توهمت

على كلَ ما أحسسته وعلى كلَ ما أحببته فيك

ولم يكن فيك منه شيء


كرهت في غيابك الكلمات التي لك كتبت

و الصَور المثاليَة التَي عنك في مخيَلتي رسمت و لوَنت

كرهت الرَجل الذَي استوطن أشعار خيبتي ومنه تألَمت


و لكنَك الأن غادرت بدون رجعة
و انتهى الأمر الذَي كان منتهيا منذ البداية

الأمر الذي به وبك وبكلَ حماقة وحمق تشبَثت


الأمر وكلَ الأمر أنَه في غيابك عاد اليَ رشدي الذَي

غاب عنَي منذ عرفتك

و كم أكره اليوم الذَي لم أعرفك فيه و عرفتك

هل أعجبتك الطَريقة اللطيفة التَي بها عرفتك

ثمَ أحببتك ثمَ كرهتك

لأنَك تركتني ؟

هل أحببت اليوم الذي فيه عرفتني فلم تحبَني

وتظاهرت بحبَي جبرا لخاطرهم

ومن ثمَة كرهتني ارضاء لخواطرهم

و قتلتني ؟


أنا كرهت نفسي الضَعيفة التَي عرفتك بهذه الطَريقة

و كرهت أشعاري و قصائدي النَقيَة الطَاهرة الانيقة

التي جمعت شتاتها في ديوان خيبتي بك و أحرقتها

و اكتحلت برمادها و أنا أضجَ ضحكا وألما عليها و بها


في غيابك عاد اليَ المنطق الَذي حاولت جاهدة انكاره

ففي حبَك كان يسود اللا َمنطق

وفي حضورك كان يسود اللا َمنطق

و في غيابك كان يغيب المنطق و يحضر اللا  َمنطق

و في كرهي لك استعدت كامل أجزاء المنطق

فهل أنت سعيد بطيَ صفحة بيضاء لم تقم بكتابتها

بل قاموا بخطَها لك بحبر غير مرئيَ و حروف غير مفهومة

هل أنت مرتاح لاستيقاظك من سباتك الهادئ

الرَتيب و لوضعك لهذه النَهاية القبيحة


ها قد تركت بصمتك السَوداء و طابعك المبهم

على جبين الورقة البيضاء

ولكن في غيابك الورقة لن يجفَ حبرها الأسود يوما

و ستتحوَل الى الاف الصَفحات ذات الكتابات لمفهومة

لتمحو سطورك الصَامتة المشؤومة


في غيابك سأسامح نفسي كي أستطيع العيش بسلام معها  

ومع من سيستوطنها عوضا عنك

و لكنَي لن أسامحك أنت

فأنت أجبن من أن تطلب و توهب الصَفح و السَماح


في غيابك سأنساك ...وسأنجح في نسيانك

لكنَك لن تنساني

وستتظاهر ببراعة الماكر بنسياني

فالضَحيَة الجريحة المكسورة قد تشفى وتنضج

وتنسى فظاعة الجاني

ولكنَ الجاني بذكراها الخفيَة سيتصنَع السَكينة  

وسيصغر وسيهوي وسيظلَ يعاني


ستتصنَع في غيابي الحبَ والسَعادة

وستوزَع الابتسامات الصَفراء الشَاحبة الكاذبة هنا وهناك

لكنَك ستنتهي رجلا مهزوما بائسا مظلم الفؤاد

وسأتصنَع في غيابك أنَني لم أرك يوما

وسأمضي

كما كتب لي أن أمضيي

بعيدا عن ما أرادوه لك أن تكون

فأنا لم أكن ولن أكون ما أرادوني لهم هم أن أكون

لأنَي لم أكن أدرك أنَك كنت تبحث عن الَتي

يريدونها هم أن تكون

و ليس الذَي يريد هو أنت فمن  تكون ؟

من تكون أنت  ؟

و لمن تكون ؟


أنت أسوء اكذوبة  حدَثني بها قلبي وصدقته

أنت أسوِء شكَ اعتراني و كذَبته

أنت أسوء كابوس أخافني و قبَلته

واحتضنته

وهاهي الرَياح تذهب بعيدا بصدى قصَتك الخرقاء

ماحية في طيَ النَسيان حقيقتك السَوداء


في غيابك

لم أعد أتجرَع طعم الخيبة في حلقي

الذَي غصَ مرارا بأطنان الخذلان


في غيابك

ستغيب وتغيب وأغيب ولن أبالي

وستتظاهر جاهدا بأنَك لا تبالي

وسيطول غيابي الى الأبد

وستغدو أنت لا أحد

بقلم وئام عاشور

في غيابك
Tags: